للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لطالما أعشت هذه الشمس عيوناً ونواظر؛ كانت تتجه نحوها تحاول أن تنظر إليها، ثم ارتدت عنها خاسئة حسيرة. . . ولكنها الآن في لحظتها الأخيرة تبيح للناس أن يحدقوا فيها فقد ركبها العجز. وما عليها من ذلك! وهي سجينة أسيرة في يد الليل يحاول أن يقذف بها في أحشائها العميقة!. . .

. . . ورقبت هذا الصراع الهادئ بين أضواء النهار وظلمة الليل. . . لقد جمعت له الشمس كل ما تستطيع. . . حتى هذه الأنوار البعيدة التي كانت تغطي رأس (أبي الهول) وقمة (الهرم). . . ولكنها لم تجد سبيلاً إلى النجاة؛ ولا يزال الليل يغير عليها. . . ولا يزال هذا القرص الذهبي يتضاءل ويتضاءل. . . والدماء الوردية تنسكب منه فتتناثر في أطراف السماء. . . لقد أضحى دائرة صغيرة آخذة في انحدار سريع. . . وإن الدائرة لتمس خط الأفق، ثم تغطس في خصمه الهائل. . . وتستسلم. . . وترسل نظراتها الأخيرة في ضراعة وداعة وحب. . . حتى إذا غامت فيه؛ كان جناحاها الهشيمان الممتدان على طرفيه، يضطربان ويهتزان كما يهتز المصباح الضئيل قبل أن ينطفئ

. . . وانطلقت في الدنيا نسمات سريعة كأنها كانت تحمل نبأ الصراع، ونهاية المعركة. . .

. . . وسكنت الطيور إلى أعشاشها تخاف على نفسها شر الليالي السود

. . . وأويت أنا إلى غرفتي مكدوداً. . . بعد الطواف الطويل

- ٥ -

سينجاب الليل. . . وستشرق الشمس غداً على العالم. . .

وستتجدد الحياة في أضوائها الساطعة. . . ترى هل تنزاح الظلمات التي تملأ نفسي. . . وهل أخرج من هذا الليل الطويل الذي أخبط فيه. . . وهل يقدر لهذا القلب أن ينعم بالضوء والدفء والحياة المرحة؟!!

. . . ترى هل يقدر؟!. . نورك اللهم!. . .

(القاهرة)

شكري فيصل

<<  <  ج:
ص:  >  >>