وأنا أعذب في الوجود وليس لي ... يا أم دَفْر ما به أقتات
من لي بحظ النائمين بحفرة ... قامت على أرجائها الصلوات
يسعى الأنام لها ويجري حولها ... بحر النذور وتقرأ الآيات
ويقال هذا القطب باب المصطفى ... وسيلة تقضي بها الحاجات
وقفت عند هذا القول في مقال صاحب الرسالة وعجبت أن يصدر منه وهو جد خبير به وبضرره حتى قرأت مقاله البليغ (العقيدة الساذجة)، ورأيت في القول المحكم عن الضريح الذي أنشأه بالعراق السردار طاهر زين الدين الزعيم الهندي لعلىّ رضي الله عنه؛ فوجدت قلمه قد ضرب في الصميم ومسَّ أصل الداء الذي أصاب بلاد الإسلام جميعاً وقلت: لقد اقترب صاحب الرسالة من العمل الحق للدين - لما لم يجد أهله يعملون له - بعد أن كان أكثر عمله للأدب، ولا غرو فإن الدين الإسلامي لكما قال هو:(ينفرد عن سائر الأديان باعتماد دعوته على الأدب وقيام معجزته على البلاغة) ثم وددت لو أني قرأت في هذا المقال أدلة النهي عن إقامة القبور وزخرفتها من لسان صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم ومن عمل رضي الله عنه في مثل هذا الأمر نفسه لا ليشد مقاله بها فإنه شديد متين ولكن ليعرف المتعصبون والقبوريون أن ما تدعو إليه الرسالة إنما هو دعوة محمد (ص) فلا يفتروا الكذب بأنه رأى مفتجر لا يؤيده دليل ولا يظاهره نص. كنت أود أن يقرأ الناس في هذا المقال الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي عليّ: ألا أبعثك على ما بعثني على رسول الله (ص)؟ ألا تدع صورة إلا طمستها، ولا قبر مشرفاً إلا سويته - وفي رواية ألا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)
وقد ذكر الإمام الشافعي في الأم ونقله عنه النووي في شرح مسلم أنه رأى الأئمة بمكة يهدمون ما شيِّد من القبور ويسوونها بالأرض عملاً بهذا الحديث، والحديث الآخر الذي رواه مسلم عن جندب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: