وجئت من الإسكندرية ودخلت كلية الآداب، واضطررت إلى احتراف الكتابة، فما كان ينهاني عنها أحد أكثر من الأستاذ أحمد أمين، فكم قال لي إن العلم لا يمكن أن يتفق مع الكتابة في المجلات والصحف! وكم خيرني بين الاستمرار في طلب العلم عندهم في كلية الآداب أو طلب الرزق بالكتابة، حتى سألته يوماً أن يربط لي من مرتبه خمسة جنيهات في الشهر تكفيني وأتعهد له بها أن أتوفر على الدرس حتى لا يلحقني فيه طالب، فانتهت المشكلة بيننا عند هذا، ولكنها بدأت بين الأستاذ أحمد أمين ونفسه عند هذا أيضاً. فقد بدأت تظهر أعراض الكتابة على الأستاذ أحمد أمين، فإذا له في الرسالة قطعة مترجمة تحت عنوان (نفسية قطة) وإذا له بعد ذلك مقالات أخرى، وإذا له آخر الأمر مجلة أسبوعية تربح ولا تخسر!
فهل لي أن أسأل الآن الأستاذ أحمد أمين: أتستطيع كلية الآداب اليوم أن تخرج الكتاب المنشئين ولو في مدة عمادته، أم هي لا تزال قانعة بإخراج الأدباء الواصفين الذين ملئوا البلد بأنفسهم وبوصفهم وإن كان لا يراهم أحد ولا يسمعهم. . .؟
ثم هل لي أن أسأله أيضاً: أتتفق حياة العلم اليوم مع الكتابة في المجلات والصحف، أم أن هذا أمر يجوز للعمداء والأساتذة الذين استوعبوا العلم كله، وانتهوا منه كله، ولم يعودوا يجهلون شيئاً مطلقاً، ولم تعد ضمائرهم تسألهم عن إصلاح الفاسد مما وظفتهم الدولة لإصلاح والإشراف عليه. . . بينما هو لا يجوز للأولاد الجهلاء الذين عليهم أن يموتوا ضيقاً أو يجدوا الفسحة في كتابي فجر الإسلام وضحاه وثمن النسخة عشرون قرشاً؟
في القرآن ظاهرة عجيبة، وهي أنه عند ما يقول عن الله إنه الغني يرفها بقوله إنه الحميد. لماذا يلتزم القرآن هذا الإقران أو لماذا يكثر منه على الأقل؟ لعل ذلك لأن الله وحده هو الذي يستطيع أن يكون غنياً وحميداً. والله أعلم
٢ - من الممثلين
الأستاذ الريحاني
تزوره فتقول له: إذا أغلقت عليك حجرتك امتنع عنك الهواء فسلمت حنجرتك من العطب فيغلق عليه حجرته فتمضي عنه. ويزوره زائر آخر يقول له: إنك أغلقت عليك فامتنع