وبعد فإنني معجب تمام الإعجاب بحضرات الشعراء البارعين الذين يتحفون رسالتهم بجرائدهم البليغة. وأبداً لا تعدو عيناي عن واحدة مما ينشرون. غير أن هنالك أمراً كنت أتمنى كثيراً أن ينهجه أرباب الدراية في العربية وبحور الشعر. ذلك هو النقد والتصويب الذي رأيته لأول مرة على ما أذكر لحضرة الأستاذ أبي الفضل السباعي ناصف الذي أحكم بيتاً ند عن الوزن في قصيدة ذكرى المرحوم الهراوي للأستاذ علي الجندي. وكم كان جميلاً أن يعلن الأستاذ الجندي شكره للناقد المصوب. إن هذا النقد والتصويب الذي يجمل بالأساتذة أن ينهجوه على النمط المتقدم أرى ألا يقتصر على ما تنشره الرسالة وغيرها، بل يتعدى إلى ما يسمع في المحافل من مناظرات وخطب وإذاعات، كما جرى عليه الأستاذ الدكتور زكي مبارك - أدام الله عليه التوفيق وأصلحه مع زمانه - فقد ناقش ببراعته المعروفة الأستاذ الكبير أحمد أمين في كلمة (أوقات) التي نصبها الأستاذ بالكسرة إذ كان يلقى نفثاته عن طريق المذياع. ومن المؤكد أن الأستاذ أحمد أمين يدري يقيناً أنها تنصب بالفتحة كما هو معروف ولم يلفظها مكسورة إلا سهواً، ومع ذلك يجب أن تعلن كلمة الحق وهذا حسن
لقد قرأت في العدد (٣٥٣) من الرسالة قصيدة (رجع أيامي) للأستاذ محمود خفيف وهي من القصائد الرقيقة المعجبة، ولكني لن أسكت على شطر منها كما لم يسكت الأستاذ أبو الفضل السباعي ناصف. ذلك قوله:(صوحت ويلاه خضر الأماني) فهل سها الأستاذ الخفيف عن وضع النداء بين كلمتي (صوحت) و (ويلاه) حتى يصح الوزن على هذا الوضع؟ (صوحت يا ويلاه خضر الأماني). أن الأستاذ وضع حرف النداء وابتلعته المطبعة على كل حال أعلن نقدي وتصويبي لهذا الشطر راجياً أن يتحفنا الأستاذ الخفيف وغيره من المبدعين دائماً بآياتهم البالغة الباهرة، وأن يتوالى النقد والتصويب على هذا الطراز