وأحترمه لأنه أديب قد استملك أداة الأدب، وباحث قد استكمل عدة البحث. قَصرَ عمره وجهده على القراءة والكتابة فلا ينفك بين كتاب وقلم. ومن آفة الذين يديمون النظر في كلام الناس أنهم يفقدون استقلال الفكر وابتكار القريحة، وليس كذلك العقاد؛ فإن رأيه لقوة عقله وسلامة طبعه يظل متميزاً عن رأي الكتاب مهيمناً عليه؛ يؤيده أو يفنده، ولكنه لا يسمح له أن يذوب فيه أو يتأثر به
أسلوب العقاد أسلوب الأديب الحكيم، تبرز فيه الفكرة الدقيقة في مجتلى من الفن الرفيع، فيجمع بقوة تفكيره ودقة تعبيره طَرَفيْ البلاغة. والعقاد مخلص لفنه فلا يخرج للناس ما لا يرضاه. فهو لذلك أبعد الأدباء عن استغلال شهرته واستخدام إمضائه
فقلت له وأنا أختم الورقة التي أحدثه عليها: هيهات يا صديقي أن يخلص رأيك من هواك. إن رأيك في الأستاذ العقاد رجوع إلى الحق، ولكن رأيك في الدكتور طه إمعان في الباطل!