بك؟ إنما أرسلك إلى المرأة لا إلى السجن. قال: نعم ترسلني أنت إليها ولكن لا يعلم إلا الله أين يرسلني أبن عمها، إلى السجن أم إلى المستشفى. . . فاسمع يا سيدي، كان من نصائح أستاذي في ذلك السجن أن الحيلة على رجل ينبغي لإحكامها أن يكون في بعض أسبابها امرأة، والكيد لامرأة يجب أن يكون في بعض وسائله رجل. . . صه. انظر! انظر! فالتفت الشاب فإذا (الجمل) مقبل يتكفأ في مشيته، وكان غليظاً، فإذا خطأ شدَّ على الأرض بقدميه، وتكدس بعضه في بعض، وكان منطلقاً وقتئذ إلى بعض مذاهبه، فلما حاذاهما قال السلام عليكم. فردا جميعاً؛ ورمى ابنَ العمدة بنظرة ثم مضى لوجهه. فلم يجاوز غير بعيد حتى بلغه صوت الشاب يناديه: يا فلان! فانكفأ إليه: فقال له الشاب: لقد بعُد عهدك بالقوة على ما أرى. قال فما ذاك؟ قال: أما بلغك أن فلاناً في هذه القرية التي تجاورنا، سيقترن بزوجته بعد أيام. وأنت تعرف الموقعة التي كانت بين بلدنا وتلك البلدة يوم عرس فلان في السنة الماضية، وكيف اندفعوا على أهل بلدنا وحطموا فيهم تلك الحطمة الشديدة، ولولا أنت أدركتهم ورميتهم بنفسك حتى دفعتهم عن الناس وسقتهم أمامك سوق النعاج، لكانت بلدنا اليوم أذل البلاد، ولاستطالوا علينا بأنهم غلبونا. ولقد حدثني صاحبي هذا كيف تلقيت بهراوتك يومئذ خمساً وعشرين هراوة فأطرتها كلها في جولتك وهزمت أصحابها بعد أن أحاطوا بك وتكابُّواعليك؛ فأنت فخر بلدنا وصاحب زعامتها، وما أرى لك إلا أن تنتهز هذه الفرصة وتسرع الوثبة إليهم برجالك فتجزيهم في أرضهم صنيعاً بصنيع مثله
فهز الجمل كتفيه العريضتين وقال: بل سأنتظرهم في يوم عرسي بابنة عمي. . . قال الشاب: أبلغت؟ ما أرى فإنك لتخافهم! قال: لا أخافهم ولكن أخاف الحكومة أن تؤخر يوم زواجي. . . سنة أو سنتين. قال الفتى: فإن عملك هذا لا يشد من نفوس رجالنا، ولا بد أن أولئك سينتظرونكم ويعدون لكم؛ فإذا لم تناجزوهم في بلدهم عدوها عليكم هزيمة من الهزائم وكأنهم ضربوكم بلا ضرب
قال الجمل: هم لا يعرفون معنى الضرب بلا ضرب لأنهم رجال، والذي يضرب بلا ضرب لا يكون رجلاً. . . والسلام عليكم. . . ثم انطلق. فلما أبعد قال الشاب: لقد بدأت الحرب ولابد لي أن أحطم هذا الفلاح اللعين، ولقد عرفت الآن من وجهه أن عينه عليّ، ولست أشك في أن بنت عمه لا تمتنع بقوتها بل بقوته، ولولا معرفتي أنه من انحطاط