كقطعة من الموسيقى الفرنسية ينصت الناس إليها بشوق، أما أوجيني فكانت كأغرودة العندليب أو كقطعة من موسيقى (بازيللو) الإيطالي لا تعجب بها إلا النفوس الرقيقة الحساسة. . .
(ولقد كانت إميليا توحي الحب بجمالها، أما أوجيني فكانت تعجب الرجل القوي الذي لا يحب تحت سلطان الدلال والذوق، ولكنه يحب لأنه يشعر بأنه بحاجة إلى الحب. . .
(ومسح فؤاد كليسون - الذي اعتاد النصر والمغامرات - هواه مسحة جميلة، وأكسبه قوة وصلابة. . . فعلمت أوجيني أن عليها أن تتصل بهذا الرجل العظيم، ليذيقها السعادة الخالدة. فيكتب لها الخلود
(وتزف أوجيني إلى كليسون، ويرزقان أولاداً، وبنتاً اسمها (صوفيا)، وكانت أوجيني زوجة غيوراً، تخشى شر الفتيات أن يغرين زوجها. . . ولقد غضبت عليه يوماً، وانفجرت باكية تقول: إذا كنت تريد أن تصدف عن حبي فخذ بهذه اليد التي كانت تداعب حبيبتك - حياتي. . . ولكن نابليون يهدئ روعها، ويقسم لها ليبقين على العهد، وليحفظن الود
(. . . ويضطر إلى الرحيل ليقود كتيبته إلى المعركة. . . فيترك أوجيني تنتحب وتذرف الدمع، ويحرز نصراً بعد نصر، وينال شهرة بعد شهرة، وكانت زوجه ترسل الرسائل إليه كل يوم، ولكنه كان لا يعبأ برسائلها، ويحاول أن ينساها، فيرسل إليها (بييرفيل) الضابط الجميل الذي كان في فجر حياته، يفتش عن فتاة يودعها قلبه، فأحبته، وكان الحب (باسم الصداقة)، ثم ما لبثت أن نسيت حبيبها الأول كليسون، وانقطعت عن الكتابة إليه.
ويذكر كليسون حبه وهواه يوماً. . . فيحن. . . ويشتد به الحنين. . . ويرى أن فتوره قد جنى عليه، فيداخل اليأس قلبه، ويقرر الانتحار، ولكنه يرسل إليها رسالة يودعها بها ويقول:
(وداعاً أيتها الحبيبة التي قضيت معها أجمل أيامي. . . لقد ذقت بين ذراعيك السعادة المسكرة، ارتشفت لذات الحياة وأطايبها ترى ماذا يبقى لأيامي المقبلة غير الملل والضجر؟. . . لقد ذقت وأنا في السادسة والعشرين من عمري اللذات الفانية. . . ولكنك أذقتني بحبك الشعور العذب بالحياة. . . إن هذه الذكرى لتمزق قلبي. . . أتستطيعين العيش سعيدة دون أن تفكري أبداً في أمر كليسون البائس؟. . . قبِّلي أولادي يا أوجيني. .