للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

لا يعلمه إلا الله. . . وإلا هذا العدد اليسير من إخوانك، وتقلبت بين بيروت وبغداد والقاهرة. . . وحفظ لك الناس صورة بارعة تحوطها هالات الإعجاب والإكبار والتقدير، فليهنك هذا. . . وليهنك أنك ساهمت في كل مشروع، وأنك تقدمت لكل عمل منذ كنت يافعاً في الثانوية، وشاباً في الحقوق، وقائداً وخطيباً في لهب الثورة وجحيم الاضطرابات. . . فتاريخك - مع هذه الحفنة الصادقة من الشباب - أبعد من أن تحده بهذه الحدود الضيقة من الوزارة والديوان، وما عليك أن تلقي اليوم هذا الضيقة، وهذا التجاهل. . . فذلك تأريث لعزتك، وإيقاد لشعلتك

أما الشهادات. . . هذه الأوراق السحرية التي يحملونها حين يترجمون نصاً لابن المقنع، أو يميزون بين مضارع (قال)، ومضارع (وعد). . . ويعودون بعدها من أهل العربية. . . فهي ليست أكثر من أن تكون بمثابة (الشيك) على (خزانة الحكومة). . . ولكنها لن تكون قط السبيل إلى قلوب الناس وضمير الزمن وسجل الخلود. . .

لن تظلمك دمشق هذه المدينة الصابرة الوفية. . . ولن تجزيك عن البر بالنكر، وعن الإحسان بالإساءة، فلقد خلدت منها كل صور الجمال، ومواطن الجلال، ومجال العظمة. . . ولقد نشرت على الناس صورتها الرائعة في مآدنها المتألقة، وقبابها الناهضة، ومساجدها المترعة بالنور والفيض، وبساتينها الملأى بالحسن والجمال. . . وغوطتها الضاحكة على رغم هذا الزمن العابس. . . وإن ما تلقاه الآن من أوضاع، وتجده من أذى، لا يتصل بدمشق ولكنه محمول عليها. . . فدمشق مخلصة نبيلة. . . آوت من قبل ألوان البشر، وآلاف العلماء، وفتحت صدرها للناس من كل مكان، تلقاهم بالتحية الضاحكة، وترعاهم بالود الخالص، وتنزلهم منها منزلة الولد والصاحب والرئيس!. . . ولن تنسى أبناءها لأنهم كل ما أبقيت لها يد الزمان الغادر. . . إن قلبها ليرعاهم ويحوطهم، ويهتز لهم هزة الحب. ولئن عميت طائفة عن هؤلاء الأبناء، وعن هذا النور ينسكب من وجوههم وقلوبهم؛ فإن طوائف وطوائف أخرى تتطلع إليهم بأعناقها. . . وإنها لتنظم لهم من حبات القلوب، وأزهار الربيع، وأغصان الغار، تاج الحب. . . وإنها لتوقع لهم مع نسمات الأصائل التي تزخر بالعبق نشيد الإعجاب. وإن أصوات المآذن التي تنادي: الله أكبر، الله أكبر، خمس مرات في اليوم، إنما تنبعث من أعماق قلب هذه المدينة لتهيب بهؤلاء الأبناء أن يمضوا

<<  <  ج:
ص:  >  >>