للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أيها الشاعر، هذا الر ... ين فاصدح بالأغاني

كل حيّ وجماد هاهنا ... هاتف يدعو الحبيب المحسنا

يا أخا الروح دعا الشوق بنا ... اسقنا من خمرة الرين اسقنا

وكأني بالشاعر يرى كل تلك المفاتن تتصدى له بسحرها وجمالها فلا يسعه إلا أن يتساءل في هذه البيات كأنه لا يصدق عينيه فيما تريان:

عالم الفتنة يا شاعر ... أم دنيا الخيال

أمروج علقت بي ... ن سحاب وجبال

ضحكت بين قصور ... كأساطير الليالي

ثم ينثني، وقد رأى أن نهر الرين بجمال جناته وجلال قصوره إنما هو الجنة؛ فيهتف:

هذه الجنة فانظر ... أي سحر وجمال

ويحس أن الطبيعة قد أخذت بسحر تلك الليالي، كما أخذت نفسه، حتى أنصت الغاب، وأصغى النهر؛ ويرى بعين الشاعر التي ترى ما لا يراه الناس أن هذه الليلة الشعرية على ضفاف نهر الرين قد أسكرت الدجى، وجعلت النجوم بعض الندماء، فيقول:

ليلة فوق ضفاف الن ... هر حلم الشعراء

أليالي الشرق يا شا ... عر أم عرس السماء

الدجى سكران والأن ... جم بعض الندماء

أنصت الغاب وأصغي الن ... هر من صخر وماء

فاسمع الآن البشير المعلنا ... حانت الليلة، والفجر دنا

فاملأ الأقداح من هذا الجنى ... واسقنا من خمرة الرين اسقنا

ثم يقول لصديقته (فتاة برن) التي التقى بها في هذا الجو الشعري، فنذوق في قوله حلاوة تلك اللحظات السحرية في النفس الشاعرة، ومرارة الأسى على ما فات:

يا ابنة الآر حديث ال ... أمس ما أعذب ذكره

كان حلماً أن نرى الر ... ين وأن نشرب خمره

وشربنا فسكرنا ... وأفقنا بعد سكره

ووقفنا لوداع ... وافترقنا بعد نظره

<<  <  ج:
ص:  >  >>