للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحجر الثمين. ودعتني السيدة الكريمة إلى النزول في الغرفة اليمنى، ولم يكن بها إلا سرير ونافذة مملوءة بالغبار كأن لم يسكنها أحد من زمن بعيد

مر بي أسبوع مرور الطيف وأنا في بيت هذه السيدة الكريمة، وكنت أخرج كل يوم للنزهة في الجبال وزيارة الآثار الشهيرة من الصباح إلى المساء لا تعوقني الشمس ولا المطر ووطئت جميع القمم إلا قمة واحدة، وقد انطبعت في ذهني جميع المناظر الجبلية الجميلة الجذابة لا تفارقني لحظة فإذا أغمضت عيني برزت لخيالي كما تبرز الصور على الشاشة الفضية. على أني لم أكن أملك من قوة الكتابة أو التصوير ما يسمح لي أن أصف هذه المناظر الخلابة أو أصفها واحدة واحدة فأهدي صورها لجميع إخواني وأصدقائي كي يتمتعوا بمشاهدتها

- ٢ -

جلست على حافة بئر عميق على القمة الأخيرة ناظراً إلى الجبال التي تسبح في السحاب والدخان على ضوء الشمس التي آذنت بالزوال، فرأيتها شامخة ساكنة كشيخ ورع يحيط به عالم متحرك فانبعثت عاطفتي بتلك المناظر الجميلة سابحة كالطير في الجو متمتعة بالطبيعة، سكرى بما اشتملت عليه من الجمال، وإذا غناء حزين من فتاة في سفح الجبل قد انبعث إلي بين هبات الرياح ونفحات الرياحين فأيقظني، فأصغيت إليه فإذا هو:

تستقبلني الشمس حينما أطلع،

وهي تشيعني حينما أنزل،

للشمس بعد الغروب موعدٌ للطلوع

لكن الراعي ليس له وقت للرجوع.

ثغاء الغنم،

صوتٌ حزين فزع!

إنها تشتاق إليك، ألا تعرف أيها الراعي؟!

انقطع الغناء وثغت صغار الغنم بأصوات حزينة وقد اختلطت بأصوات الأجراس الضئيلة التي لا تكاد تسمع

إن الأجراس في رقاب الغنم

<<  <  ج:
ص:  >  >>