للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان زوجي شيخو خادماً له أيضاً، وكان لنا ولد. . .

استمرت السيدة في الحديث وقد شاب صوتها رنة حزن، والبكاء يغالبها: وكان ابني اسمه يين وهو الاسم الذي سماه به سيدنا أبو الفتاة وكان يحبه كثيراً ويناديه دائماً (يا بني يين)، وكان أكبر من الفتاة بسنة واحدة فكانت تدعوه أخاها الأكبر، وكان أبني يتجاوز فيدعوها أخته الصغيرة أيضاً، وكان كلاهما يحب الأخر كأنهما أخوان شقيقان

وكانت زوجته الثانية السيدة لي من الأسرة الشريفة أيضاً، وقد درست في اليابان وهي صغيرة، ثم سافرت إلى نيويورك ولندن وباريس وفينا بعد تخرجها في اليابان فقضت أكثر أيامها في الخارج. ولما رجعت إلى البلاد وهي في الثانية والعشرين من عمرها، طلبت أسرتها إلى السيد مين وقد مرت على وفاة زوجته الأولى ثلاث سنوات أن يتزوجها. وكانت ذات شخصية بارزة في العاصمة، معروفة في المجتمع باسم الفتاة الحديثة. تصور أيها الضيف الكريم كيف يمكن سيدة متعلمة لطيفة نشيطة حديثة العهد بالزواج مثل هذه السيدة أن تحيا هنا هذه الحياة القروية الخشنة؟!

أنتقل السيد مين إلى هنا، ونزل في معبد في تلك المدينة، واعتكف فيه لا يهتم بالشؤون السياسية والاجتماعية، وامرني أنا وزوجي أن نسكن هنا في القرية لضيق المعبد، واستبقى ابني يين معه حيث يقيم، واشترى له قطيعاً من الغنم يرعاه، وكان ابني في الثانية عشرة من عمره يرعى الغنم بين الجبال في الأيام التي لا تمطر فيها السماء، وفي بعض الأحيان كانت تصحبه الفتاة، وكثيراً ما كان يضلان، فنخرج للبحث عنهما حتى نجدهما في سلام وسرور.

أذكر أنهما مرة لم يرجعا إلى المعبد حتى منتصف الليل، وظن السيد مين أنهما في منزلنا، فبعث إلينا يستفسر عنهما، فجزعنا وخفنا أن يكون قد أصابهما شر وأسرعنا نبحث عنهما هنا وهناك، فلما وصلنا إلى جبل كنج كنج البحري رأينا القطيع على بعد نائماً على الشاطئ، وقد اتكأ ولدي على صخرة كبيرة، ونامت الفتاة متكئة على كتفه وقد استغرقا في نوم عميق، وكانت الليلة مقمرة، كهذه الليلة، والقمر ينشر ضوءه على الأرض والبحر تتجاوب أمواجه، فكانا في مهد الطبيعة الكبير. إنني لن أنسى ما حييت تلك المناظر الجميلة التي رايتها ليلتئذ

<<  <  ج:
ص:  >  >>