- حاجاتك لا تزال في درج مكتبي. كنت انتظر دائما دقات الجرس الخمس، فأذهب لأقابلك بها على الباب.
لقد اشتريتها إذن! لم أكن أحسب أنك تعتقد أني كنت جادة فيما طلبت. . . هي صديقتي التي أغرتني. . . تجربة لعاطفتك نحوي. ولكني أخطأت في السماع اليها، وخفت ان أنا عدت إليك أن تعتقد اني إنما أعود لأسألك ما طلبت
ودارت الدنيا أمام عينيه، وقال لنفسه (ما أكثر ما يخطئ الإنسان التقدير!)
وفجأة رآها تتركه - وقد عراه ارتباك ظاهر - وتنظر إلى الباب حيث وقفت عربة، نزل منها شاب ناداها باسمها فهزت رأسها تجيبه، ودارت بنظرها إلى يمين المدخل منادية يا حقي!
وأصابته رجفة إذ سمعها تلفظ اسمه، ولكنها كانت تنادي طفلا - في نحو الرابعة من عمره - لم يكن القي بباله إليه. وأجابها الطفل متسائل - ماما؟
فمدت يدها إلى الطفل ورفعت نظرها إلى الفتى كأنما تسأله أن كان قد فهم شيئاً.
وركبت الفتاة والشاب والطفل العربة، وانطلقت بهم ووقف (حقي) يتبعها بنظره ويصغي لوقع أقدام جيادها على الأرض، ويسمعه دون كل ما عداه من ضجة الطريق الصاخبة، حتى لم يبق منه غير صدى يرن في الأذن رنينا.