-. . . وفرغَ سبابي فَمدَّ إليَّ يده في ضراعة وقال لي:
- إنه خطأ هين، وإني لمصلحٌ ما كان بجمال ما سيكون، ولذلك لن اعتذر، وعاد هو يتم لها:
-. . . قلتُ لها: ولذلك لن أعتذر؛ فعقدت حاجبيها وتغَضَّبَتْ بعينيها، ولكنها ابتسمت على رغمها ابتسامة كانت تمنعهاُ جهدها وتخفيها، ففهم قلبي معاني قلبها، وناجت روحها روحي، وانسرقتْ حواسها بجملتها على غفلة منها فألقت في حواسي رسالة فرحتُ بها فاتَّزنت واطمأن قلبي
وجاءت سيارة فقفزت إلى الدرجة الأولى لتواصل طريقها وقفزت أنا في الدرجة الثانية، ولما نزلتْ هي نزلت أنا وتحاشيتها وعرفت من بُعدٍ منزلها. . . ثم. . . ثم اقتحمت على أبيها فأسعدني وأسعدها
فبسمت عنان ابتسامة أشرقت في قلب خطيبها هذه المرة، وقالت في دلال وتخابث: في (وأسعدها) بحثٌ وكلام
فأخذ وجهها بين يديه وقَبَّلها على مرآي منهن قبلة عاجلة وهو يقول:
- لا كلام ولا حديث لقد ظفرت بالدنيا يوم ظفرت بك يا عنان وخرج يجري فائزاً بقبضة يدها تهوى على ظهره جزاء ما فعل
- أما هن - كان الله لهن - فقد تخاجلن وتضاحكن.
ثم نظر بعضهن إلى بعض، وقمن لينصرفن. فقالت لهن والدنيا لا تسعها: إنه خفيف الظل وأنا أعبده
فقالت ثريا:
- إنه رجلٌ يُتَمَّنى يا عنان، وإنه لحقيق أن يحبَّ ويعبد، لو كنتُ مكانك. . .
وعَىَّ على المسكينة أن تزيد. فَجَرَّتْ هدى وزاملْتها وأرسلتا - حين صارتا في الطريق - زفرة حارة، وزادت هدى أن عبرة فرَّت منها برغمها