للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

(وكان انهزامه (أبي تغلب) بعد أن فعل الفعل السخيف، وكادنا الكيد الضعيف، بأن أغرق سفن الموصل وعدوتها، وأحرق جسرها واستذم أهلها. . .)

وأورد الخفاجي في شفاء الغليل ما ذكره ياقوت، ومما زاد عليه قوله: (. . . وأنا لا أدري هل المركب المسمى عربة أخذ من هذا، أو هو غير عربي وهو الظاهر)

وجاء في حاشيته - لنصر الهوريني المعتنى بطبعه - قائلاً:

(من معاني العربة في اللغة: النهر الشديد الجرية، ففي هذا الإطلاق تجوز)

وقد أشار إليها الخوارزمي في مفاتيح العلوم بقوله: (العربة طاحونة تنصب في سفينة وجمعها عرب)

ومما ورد في ديوان الأدب للفارابي قوله: (لعروبة دوار، أي ماء تدار به)

الخلاصة

نخرج من هذا المقال إلى أن هذه الطواحين كانت تقوم على سفن متجاورة يتخللها مضايق ينحبس فيها ماء النهر، وقد نصبت فيها دواليب ذات عنفات؛ تدور بتأثير الماء الشديد الجرية وتقوم هذه الدواليب بتدوير دواليب أخرى متصلة بالضرائر أي أحجار الطواحين.

ويؤيد هذا ما ذكرته مجلة (لغة العرب) أن العربة هي الرحى التي تكون في السفينة في الماء، ليطحن بها القمح أو يعصر بها البزر أو يستخرج بها الزيت؛ ولها دولاب، وللدولاب زعنفات يضربها الماء فتدير الرحى، وهي بالإفرنجية

لا شك أن تلك السفن كانت كبيرة بحيث تستوعب المقادير العظيمة والحبوب، وقد كانت الشبارات والزبازب والسميريات وغيرها من وسائل النقل النهرية وقتذاك في ذهاب وإياب، تقوم بنقل الناس مع أوقارهم إلى هذه العروب. ولا غرو إن كان دجلة والفرات عند جريهما بين يدي تلك البلدان الشهيرة بهذه العروب؛ يزدحمان بهذه السفن ويزخران بحركتها المتواصلة.

(بغداد)

ميخائيل عواد

<<  <  ج:
ص:  >  >>