للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الإنجليزية والفرنسية واتساع رقعتيهما

اختلاف الخطط

وتقدم الجيوش الألمانية الحالي لا يدل على نصر أو خذلان لأي الجانبين، بل يرجع في حد ذاته إلى اختلاف فن القتال عند المتحاربين وتقديرهما للرجال والخسائر. فبينما ألمانياً لا تتقيد بكثرة الضحايا وتقدم للميدان أعداداً كبيرة منها، تحرض إنجلترا وفرنسا على أن يكون عدد الضحايا أقل ما يمكن. بل إنه يبدو للمطلع أن قيادة الحلفاء تقدر قيمة الموقع الذي تدافع عنه أو تحتله وما يتكلف من خسائر؛ ثم تقدر مكسبها أو خسارتها. وعلى هذا الأساس تقرر خططها، وغالباً ما يعز عليها الضحايا فتوفرهم لفرصة أوفق وأقل ضحايا

وإذا عدنا إلى حوادث الحرب العظمى ووسائل الهجوم الألماني أمكننا أن ندرك مبلغ حرص القوتين المتحاربتين على سلامة رجالهما، ففي هجوم الألمان على خط كونديه - مونز - بينش، كانت قوات المشاة تتقدم في جماعات غفيرة متراصة يسهل حصدها بالمدافع السريعة الطلقات أو البنادق، حتى قال جنود الجيش البريطاني التي كانت تتولى الدفاع عن هذا الخط بقيادة الجنرال فرانش: (إنه كان يكفي أن تطلق البندقية في أي اتجاه فنضمن استقرار الرصاصة في جسم أحد الجنود الألمان)

هذا بعكس خطط الهجوم الإنجليزي أو الفرنسي، إذ يتقدم الجنود في خطوط رفيعة بين كل جندي والآخر متران تقريباً، فيطيش عدد كبير من الطلقات ويقل عدد الضحايا إلى أقل نسبة ممكنة. وحقيقة أن هجوم قوات الحلفاء يحرز النصر بعد مدة أطول، بينما يعطي هجوم الألمان نتائج سريعة، ولكن بخسائر فادحة؛ وهذا ما يحدث الآن. فلكي ينتصر الجيش الألماني في موقعه يجب أن تكون قواته ضعف قوات أعدائه فتتغلب عليه بالكثرة العددية

أخطاء خطيرة

وارتكبت في الموقعة الحالية عدة أخطاء كبيرة استغلها الجيش الألماني أحسن استغلال. فقد قررت قيادة الجيوش البلجيكية أن تخلي خط دفاعها الممتد على الحدود في منطقة أردن إلى حصن لييج، وأن تبدأ عملياتها الحربية في خط الدفاع الثاني على نهر الموز، وهو نهر

<<  <  ج:
ص:  >  >>