للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم ألا ترين أنه إذا كان الأمر كذلك فإنه يكون فيه توكيد لصلة البدن بالنفس

- ليس لي شأن بهذا التوكيد، وإنما أريد منك ولو بعض الأمثلة التي تستطيع أن تتخذها عوناً لك على إثبات ما تقول. . .

- لا بأس. . . من تظنينه تصيبه التخمة إلا من أصابه الجشع والدناءة؟ ومن تظنينه يصاب بالمرض الخبيث إلا الذي خبثت نفسه وانقاد لخبثها؟ ومن تظنينه يصاب بالعرج إلا المشاء في الظلال وفي الظلمة؟ لست أريد أن أمضي معك إلى أكثر من هذا إلا أن أقول لك إن هذا الحكم يسمح لكثير من الأفراد والحوادث أن يشذوا عنه. ولكن هذا لا يعنينا، فشذوذ الحوادث والأفراد يحتاج إلى تأمل خاص في كل فرد وفي كل حادثة على أن يكون هذا الدرس بعد اليأس من انطباق القاعدة العامة. . .

- طيب، وبعد هذا؟

- ما دمنا قد اتفقنا على هذا فقد سهل الأمر. والعرب، وأهل الصعيد - وهم منهم - عرفوا لكل داء دواء مكمنه في أعصاب الإنسان أين هو، وهم يكوون هذا المكمن بالنار فتطهر الأعصاب من رذيلتها وضعفها، ويزول المرض، وهم بهذا قد فتحوا لنا الطريق كما قلت لك، وعلى علماء النفس وأطباء هذه الأيام أن يتابعوا السير في هذا الطريق، وعلى الخصوص بعد أن قال قائل منهم إن مخ الإنسان ينقسم إلى مراكز عقلية، لكل مركز منها عمل خاص، فهذا للتذكر، وهذا للحساب، وهذا للاستنباط، وهكذا، ولست أدري لماذا لا يفكرون حين يصيب المرض مركزاً من هذه المراكز في أن يكووه ليطهروه وينقذوه، وليس ضرورياً في أن يكون الكي بالنار، فعندهم من وسائل الكي ما هو أشفق من النار وأرحم، وإن كانت النار أبلغ منه وأفعل، ثم مالنا نفرض أن كل مراكز العقل مجتمعة في المخ، ولماذا لا يكون بعضها في أعصاب أخرى غير المخ تلتف فيها الروح بالجسم أو تلامسها كما يلامس محيط هذه الدائرة زوايا هذا المثلث في هذه النقط الثلاث. . فإذا جاز أن يكون هذا، فلماذا لا يكون في القلب مركز الحب وهاهو ذا أخوك يقول لك إن قلبه يوجعه وجعاً مادياً حقاً. . . انخسيه بمسمار، أو إذا شئت أن تترأفي به فأحمي له (دبوساً). . .

- يا شيطان أخاف عليه أن يموت. . .

<<  <  ج:
ص:  >  >>