للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

الشخصيات المصرية الصميمة التي تعرفها وتحبها وتعيش معها في جوليس بالغريب عليك وفي بيئة أنت بها جد عليم. وقد افلح مسرح الكوميدي في خلق نماذج من الشخصيات المصرية قد تبدو عليها مسحة التجسيم والتهويل، أو فهي نماذج (كاريكاتورية) ولكنها مصرية قبل كل شيء، ثم هذه هي صنعة الفن الكوميدي أولا وآخراً، وعرف مسرح الكوميدي إجادة من بعض الممثلين لم يبلغها اندادهم في مسرح الدرام، لأن الأول عرف التخصيص، واعني أن من بين ممثليه أفراد تخصصوا في إخراج شخصيات معينة فأجادوها وبحكم المران والاستمرار، وتوغلوا في صميمها فأخرجوا منها الطريف المبتكر. وهذه (المصرية) التي غلبت على مسرح الكوميدي كانت العامل الأول في نجاحه.

على أن شعب هذا الوادي، شعب سهل لين، محب بفطرته للمرح يعب فيه بنهم وقابلية، ولعل في هذا أيضاً بعض السبب في إخفاق مسرح الدرام ونجاح مسرح الكوميدي ومن الخير أن نعرف للمسرحين ما أديا من رسالة الفن وأن نذكر لكليهما ما كان له من إحسان أو أساءة، فالمسرح المصري يقف اليوم بمجموعة مفترق الطرق فأما إلى الصدر وأما إلى القبر، ومن أوجب الواجبات في هذه الفترة الدقيقة من حياة المسرح أن نذكر للمحسن إحسانه وأن نعدد للمسيء نقصه وعيوبه، فيمضي الأول في طريقه مجداً عاملا، ويصلح الثاني من نفسه أن أراد إلا يتخلف عن زميله أو يدرك غباره.

محمد علي حماد

<<  <  ج:
ص:  >  >>