بأفراده كل يوم مقاعد الملعب حتى ليس ثمت موضعا لقدم.
على أن مسرح الكوميدي طحنته الأزمة وحدت من جهوده غير أنه قاومها طويلا وثبت للعاصفة المجتاحة. والفرقة الوحيدة التي استمرت إلى اليوم على العمل هي فرقة للكوميدى، كما أننا نجد فرقة ثانية للكوميدى تؤلفه في هذا الموسم وتلقى نجاحا كبيرا في الوقت الذي تغلق فيه فرق الدرام أبوابها وتنصرف عنها الجماهير. وبينما نسمع صرخات مديري الفرق الدرام يستغيثون بلجنة تشجع التمثيل ويطلبون منها المدة والمعونة، نجد مدير فرق الكوميدي يعتمدون على محض جهودهم وعملهم، فان مدتهم اللجنة ببعض المال فلا بأس، وان طوت عنهم معونتها فلا بأس أيضا، وهم مستمرون على بذل ما في وسعهم لاكتساب رضى الجمهور وضمان إقباله وتشجعه.
أليس هذا الموقف جديراً بالتأمل والدرس؟ قل في تعليله ما تشاء وقل في أسبابه ونتائجه ما تقول، ولكن تبقى بعد ذلك الحقيقة الواقعة المنسوبة لا غناء في تجاهلها ولا نفع يرجى في التغاضي عنها وعما في طياتهم من معان هي خليقة بكثير من العناية والفحص. فإذا أبيت إلا أن أدلي بدلوي في الدلاء وإلا أن اذكر لك مرجع هذا في رأيي فلعلي لا أكون قد جاوزت الحق والواقع إذا قلت أن مسرح الدرام لم يعمل على التقرب من الجمهور ولا على أن يدوم له الطعام الذي يسيغه ذوقه، بينما عمل مسرح الكوميدي على هذا فنجح من حيث أخفق الأول
غلبت على مسرح الدرام الروايات الإفرنجية المترجمة وهي بشخصياتها وجوها، وعادات أبطالها وأخلاقهم، وبيئتهم وتصرفاتهم وكل ما يتصل بهم بعيدة عن ذوق الجمهور المصري، وقد تكون بعيدة أيضاً عن فهمه وإدراكه، غريبة عنه بكل ما فيها ومن فيها، ولكل شعب ذوقه الخاص ولذلك كان لكل أمة مسرحها الخاص، والمسرح في كل بلد يمثل الوسط الذي يعيش ويترعرع فيه، ولا تكاد تقحم المسرح الفرنسي في إنجلترا، ولا المسرح الإنجليزي في فرنسا، ولست كل الروايات الصالحة للعرض هنا، تصلح للعرض هناك، وقد تجد نماذج تنال النجاح والتوفيق في البلدين ولكنها الاستثناء الذي يثبت القاعدة ولا ينفيها. لهذا فشل مسرح الدرام لان الرواية المترجمة غلبت عليه.
والحال على النقيض في مسرح الكوميدي حيث لا تجد إلا الرواية المصرية، ولا