والذي قلته في قياس الرافعي لا يقدر الصديق على أن ينفيه أو يقول بنقيضه؛ إلا أن تكون الصداقة على غير الحق والإنصاف ولو قنع مني الرافعي بأن أشهد له بالبلاغة وأن أنقد قياسه وبحثه على النحو الذي تقدم لما كانت خصومة ولا كان جدال.
ولكنه أعتد رأيي فيه تجاهلاً وقلة إنصاف، وزاد فاعتده من العداوة ورصد له ما يرصد للأعداء. وهذا هو أصل الخلاف.
أما ما قيل ولا يزال يقال عن الخصومة الأدبية بيني وبين شوقي رحمه الله فبودي مرة أن أقرأ كاتباً واحداً يقول:(إنك نقدت الشاعر في (كذا) وإن (كذا) هذه خطأ أقيم عليه الدليل، وهذا هو الدليل).
بودي أن أقرأ هذا لكاتب واحد من الذين يخالفونني في الرأي وينهجون في النقد غير النقد الذي أنتحيه.
ولكنهم جميعاً لا يزيدون على الصياح والاستهوال ثم الصياح والاستهوال: يا خلق الله الحقونا. . . يا خلق الله أسمعوا وأعجبوا. . . يا خلق الله تعالوا فانظروا من يقول أن شوقيا ليس بشاعر عظيم.
وهذا كل ما يقال، وهذا كل ما يعاد، ولا مناقشة لرأي ولا استشهاد بمثال.
ومنهم من يقولَّني ما لم أقل ويخرج صارخاً على خلق الله ليزعم أنني عظمت الشعراء جميعاً إلا شوقَّيا وحده، فقد خصصته بقلة التعظيم أكذلك حصل؟. . . لا. كذلك لم يحصل!
وكل ما هنالك أنني يحق لي أن آكل الجميز الجيد وأن أعيب التفاح الذي يعاب. والجميز بعد ذلك هو الجميز، والتفاح هو التفاح!
وأعجب العجب أن يبلغ الادعاء بهؤلاء أن يغلقوا كل باب للرأي غير رأيهم فلا يخالفهم أحد إلا إذا كان تأويل المخالفة الوحيد تِرَة شخصية أو قلة إنصاف!
ولو أنهم طلبوا الحقيقة لسهل عليهم أن يعرفوا أن طريقتنا تباين طريقة شوقي، وأن اختلاف المقاييس بيننا وبينه معقول وطبيعي ومردود إلى أسبابه التي لا نغضي عنها لو أردنا الإغضاء.
وأن ترة شخصية بيننا وبين شوقي لم تكن على حال من الأحوال. وليس في مقدور أحد أن