ناقشه مستر شامبرلن رئيس الوزارة الإنجليزية في الشروط التي فرضها على حكومة براغ، وأوجب عليها فيها أن تخلي الأرض المطلوبة وأن تبدأ الإخلاء في الساعة الثامنة من صباح السادس والعشرين من شهر سبتمبر (١٩٣٨) وأن تتمه عند انتهاء اليوم الثامن والعشرين
فقال له مستر شامبرلن إن هذا إملاء (إنذار نهائي) بغير حرب، وبغير هزيمة على أمة قبلت المطالب وقبلت الاحتلال
واختار شامبرلن كلمة (إملاء) عمداً لأن هتلر يذكرها كلما ذكر معاهدات الصلح ومعاهدة فرساي على الخصوص، ويعتبرها موجباً لفسخ تلك المعاهدات
فما زاد هتلر على أن قال:(كلا. ليس هو إملاء). وأشار إلى رأس الورقة قائلاً:(أنظر. . . إن الورقة مكتوب عليها كلمة مذكورة. .)
وهو كلام يقال للابسي القمصان في ساحة الخطابة فيقبلونه ويسيغونه، ولكنه لا يقال في مفاوضات وزراء وسفراء
فالخطابة هي الميدان التي يغلب فيه هتلر بهذا الأسلوب، ولن يغلب به في ميدان آخر
وقد حذق من الخطابة ما يحدق بالمرانة ومساعدة السامعين المستعدين للإصغاء والتصديق وأهمه تدفق الكلام وسهولة التعبير.
ولم تزوده الطبيعة من أدوات الخطابة الفطرية إلا بزاد واحد وهو انقطاع الصلة النفسية بينه وبين الأفراد واضطراره من أجل ذلك إلى مواجهة الجماهير للشعور بالحياة ونشاط الإحساس.
ومتى نشطت نفسه ودبت الحركة إلى ذهنه فلا يندر أن يلهمه الموقف بعض الخواطر البارعة التي يمثل بها أعداءه في صورة مزرية، أو صورة تستفز السخط والامتعاض، وكلها من ولائد الكراهية وليس فيها صورة واحدة وليدة عطف أو عناية بالآخرين.
ويختلف الناقدون في صوته اختلافاً لا يتبين الحقيقة فيه من يسمع الصوت منقولاً بالمذياع، وهو ينقل بعض الأصوات على أصلها ويعرض بعضها للتحريف وبعضها للتحسين.
فمن الناقدين من يعيبون على صوته خشونة تصك الآذان، ويقولون إنه أجرى العملية