في القالب الفني، بل عليه إلى جانب هذا إلا يجعل أشخاصه جامدين، وان يعطيهم الحرية في أن يعبروا عن احساساتهم باللغة التي توافقهم وتتلاءم مع طباعهم، فالنفن هو كل شيء في القصة واليه يرجع عامل نجاحها أو سقوطها!
وإني أثبت بهذه المناسبة رأيا أبداه المستشرق الروسي كراتشقوفسكي عن فن محمود تيمور القصصي، إذ قال: ليست أقاصيصه إلا درساً بسيكولوجيا وتحايلاً لأحوال النفس وتطوراتها في الشخص الواحد مع بعض الدرس للأشخاص المجاورين له في البيئة، ومزية التركيز وقلة الحركة فيها يجعلها تؤثر في النفس أحياناً تأثير الدراما المسرحية المحزنة.
أما (حسن أبو علي) فقصة شاب مأفون مهرج، هوى التمثيل وتأليف الروايات المسرحية، فترك علمه والتحق بإحدى الغرف التمثيلية لاشباع نهمته الفنية، وهي نزعة كانت سائدة عند الكثيرين من شبابنا إثر ترددهم على دور التمثيل، أما الآن فليطمئن بال الأستاذ تيمور ولان السينما قضت على هذه النزعة في النفوس!
والقارئ يشعر بعد مطالعته لهذه القصة، بروح التهكم المر والسخرية اللاذعة التي لجأ المؤلف اليها، في تصوير هذه الشخصية المشعوذة التي انبعث حبها للتمثيل. ولم يكتف المؤلف بان يقسو على بطله يعذبه في الحياة من أجل الفن وفي سبيله، وأن ينسب إليه موت عمه ليتخذ من هذا وسيلة لإظهار مواهبه الفنية، وأن يدفعه إلى ارتقاء منبر المساجد ليعظ الناس في يوم الجمعة كأنما هو على خشبة المسرح، وأن يتسلط عليه فيدفعه أيضاً إلى أن يبدد الثروة الضئيلة التي تركها عمه، فيشيد بها مسرحا يهدمه المتفرجون على رأسه في ليلة الافتتاح! لم يكتف المؤلف بهذا كله بل نراه قد أجهز عليه بنفس القسوة وحكم عليه بالموت!
وبعد فقد فرض الأستاذ تيمور هذا اللون من الأقاصيص على القارئ وروى ظمأ المتعطشين إلى القصة في مصر والذين كانوا لا يقرأونها إلا باللغات الإفرنجية أو مترجمة إلى اللغة العربية فهل تراه وفق في عمله؟ لا شك في أنه وفق إلى حد بعيد، يدلنا على هذا ان أكثر أقاصيصه مترجم إلى اللغات الحية وأن الأستاذ شادة مدير دار الكتب المصرية السابق ألقى عنها محاضرة نفيسة في مؤتمر المستشرقين السابع عشر وأن مجموعة