للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشخصية وجيدة بتداخل سنية بخطاب ترسله إلى منير تبثه حبها له. فتثور كبرياؤه ويرضى بالزواج من وجيدة. وفي ظله ما يجد راحته النفسية حيث حاجته للمرأة، لم تكن لزوجته فحسب، تشغل منه مكان النصف المكمل، بل كانت حاجته للمرأة كزوجة وأم تشغل منه مركز الأنثى من الرجل، لا مركز الأم من وليدها حيث تحدب عليه. ووجيدة بشخصيتها فيها ما يشبع هذه النواحي من نفس الفتى، وفي هذا سر تغلب دورها في القصة على دور سنية.

أما المميزات الفنية في القصة فتظهر في قوة السرد، وسرعة الحركة، والحشد للحوادث والوقائع، وهذا يعطي القصة ما فيها من حياة، غير أنها حياة عادية لا تميز فيها - وشرط من شروط القصص المتميز - ولعل البساطة في حياتها تعود إلى أن الكاتب يأخذ الأمور بالهوادة والملاينة، ويتبسط مع الحوادث برفق وبطء، مقيداً بالواقع المبذول للحس. ومن هنا فقصته نموذج طيب لما تكون عليه القصة المصرية الأصلية. وهي من هنا تحمل أذهاننا إلى جو أقاصيص محمود تيمور. هذا والكاتب على جانب من الاقتدار في رسم شخوص قصة من حركاتها وسكناتها. وهو يكتفي بتعريف الشخص بميزاته الداخلية دون أن يحاول تكملتها بتكوينه الخارجي. وهذا يرجع لضعف الأصل التصويري عنده. وهو بدوره عائد لبساطة الخيال

والبساطة والسهولة هي أبرز ما يميز أسلوب القصة، وإن كان للكاتب بعد ذلك قدرة على مسك أجزاء القصة وربطها ببعض وسلسلة حوادثها بحيث يتولد بعضها من البعض، غير أنها قدرة لا تتعدى محاكاة الواقع. ولعل هذا نقطة من نقط الضعف فيها إذا أردنا البروز والتميز القصصي، وسبب من أسباب نجاحها إذا وقفنا عند حد الواقع واعتبرنا القصة محاكاة للواقع المبذول للحس.

وهنا موضع الافتراق في النظر لهذه القصة من ناحية فنيتها. . . ويستحسن أن يتلو القارئ فصلاً قيماً كتبه الناقد الأديب صديق شيبوب (البصير ١٩ أبريل سنة ١٩٤٠)، فهو فصل انتقادي جدير بالعناية، وهو يكمل ما جاء في كلامنا عن هذه القصة من أراء ومطالعات.

(أدهم)

<<  <  ج:
ص:  >  >>