للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بهذه المعركة النبيلة، التي بين أيدينا، والتي تبدأ جهاراً، وتجري جهاراً، وتنتهي جهاراً. . . وعلى كل لاعب رقباء من هذه الآلاف المؤلفة، التي احتشدت اليوم لكي ترقب حركات كل لاعب وسكناته. والويل لمن يحيد عن الصواب لمحة العين، فيستثير من آلاف الأفواه صيحات الإنكار والاستهجان.

أجل وإن لهذه الحرب الضروس لقواعد وشروطا قد نصت عليها قوانين مقدسة الرعاية، ولن ترى في العالم كله قانونا ينفذ في شدة وصرامة، وفي قوة وحزم، كما ينفذ هذا القانون، الذي ليس في تنفيذه تسويف ولا (تأجيل). بل سرعان ما يلقى الآثم جزاء اثمه، قبل أن يتحول عن مكانه، وها هنا الحكم النزيه اليقظ الذي يحصي الصغيرة والكبيرة، ولا يعرف المحابات ولا المداراة. . فإذا كنت - يا صديقي -! قد أهمك وأحزنك إن رأيت العدل يصرع والقانون يداس بالنعال في مشارق الأرض ومغاربها، فلتسر الهموم عن نفسك برؤية هذا الحكم العدل، الذي لا تأخذه في الحق لومة لائم، والذي يرى القوي المدل بقوته ضعيفا عاجزاً، حتى يقتص منه ويرده إلى جادة الصواب.

والآن، ألست تراك شديد الإعجاب بما تراه الساعة في الفريقين من عزيمة وثبات ودأب لبلوغ الغاية، ومضي لما وطنوا النفس عليه. فلقد يخطئون الهدف المرة بعد المرة. من بعد ما أجهدوا قواهم سعيا وطلبا. ولكنهم يعودون بعد الإخفاق إلى السعي والعدو، لا تنيهم العقبات إلا ريثما يتأهبون لاجتيازها. ولا يرتدون لحظة إلا ليأخذوا العدة للتقدم. وكأنما لا يعرفون طعم اليأس، ولا يؤثر فيهم الإخفاق، فهم أبداً كموج البحر لا يتراجع إلا ليدفع، ولا يضعف إلا ليشتد.

وها قد انقضت الساعتان كأنهما لحظتان. ففي وسعك الآن أن ترجع إلى أسفارك وأخبارك، ونحوك وصرفك. وأحسبك الآن قد آمنت إن هذا الميدان البريء لا يخلو من الحكمة والموعظة الحسنة. اجل وانك لتحدثك نفسك الساعة بمثل الذي تحدثني به نفسي

ليت لعب الحياة كان جداً، ... ويا ليت جدها كان لعبا!

<<  <  ج:
ص:  >  >>