أخذ كثير من المسلمين بعد زوال الخطر الوهابي يغيرون من رأيهم في هؤلاء العرب المهاجمين.
ولم تنته آثار حركة الوهابيين بسقوطهم السياسي وهدم عاصمتهم الرياض سنة ١٨١٨، وذلك أن تعاليمهم وآراءهم بقيت منتشرة في الجزيرة العربية. وفي سنة ١٩٢٤ ضموا إليهم بلاد العرب وأصبح قائدهم الملك عبد العزيز بن سعود الزعيم المعترف به في البلاد المقدسة.
وإذا كان رجوعهم لم يقابل بشدة كما قوبل به منذ مائة عام، وإذا كانوا لم يرفضوا بقوة إزاء تيارات التجديد الحديث، فإنهم مع ذلك لم يتركوا تعاليمهم، وأصبح القول بخروجهم عن الدين غير موجود الآن عند جمهور أهل السنة.
وأهم من هذا كله في هذه الكلمة الإجمالية، هو أن هذه الحركة الوهابية أخذت تدب في أثناء القرن التاسع عشر إلى بلاد إسلامية أخرى، وعلى الأخص بلاد الهند ومصر، ومن بين كل هذا قد أحدثت دعوتهم بالرجوع إلى الإسلام الأصلي الخالص وترك البدع التي حدثت بعد ذلك، والبعد عن تعقيدات الفقهاء ومماحكاتهم، قد أحدثت هذه الدعوة تذكيراً للمسلمين ومفكريهم الذين لم يريدوا معاداة أي حركة إصلاحية في الإسلام.
ومن هنا نستطيع أن نقرر أن الحركة الوهابية كان لها أهمية كبيرة بعيدة الأثر في هذه الحركات الإصلاحية الإسلامية التي ظهرت أخيراً، وإن يكن الاتصال بينها وبين هذه الحركات غير مباشر وغير واضح كل الوضوح. ومن هنا يجب أن نحسب لها حسابها في الكلام على هذه الحركات التي سنلم بها بعد إن شاء الله.