وتم استسلام الجيش البلجيكي في ظروف غريبة شاذة، فبينما كانت قوات الحلفاء تواصل قتالها يلقي ملك البلجيك سلاحه دون إخطار، ويضع جيوش الحلفاء في مأزق حرج. فقد كانت قواته تقاتل في مراكز رئيسية كانت جيوش الحلفاء لها بمثابة احتياطي يسد العجز الذي يطرأ على بعض نقطها
ولهذا توزعت فرق الحلفاء بين القوات البلجيكية، فلما ألقت هذه السلاح انعدم الترابط بين قوات فرنسا وإنجلترا. ووجدت نفسها محاصرة بقوات ألمانية تحتل مواقع الجيش لبلجيكي الذي كان بالأمس ظهيرها وعمادها.
ثمن الخيانة
لقد تورعنا في مقالنا الماضي عن التصريح بأن عمل ملك البلجيك كان خيانة مقصودة؛ أما الآن فإننا إزاء ما عرف من تصرفاته قبل التسليم وبعده، وعن الثمن الذي تقاضاه لا نجد مفراً من التصريح بما أخفينا. فقد خان القوات التي آزرته خيانة أدت إلى قلب الموقف العسكري انقلاباً كبيراً أفسد جزءاً هاماً من خطط الحلفاء.
أما الثمن الذي تقاضاه ليوبولد الثالث فهو حكم بلجيكا وهولندا والمناطق المحتلة من شمال فرنسا. وليته تقاضى هذا الأجر حراً أو بشرط الاستقلال، ولكنه يتقاضاه وسيف هتلر مصلت على رأسه، فبعدما ما كان ملكاً مستقلاً شريفاً أصبح تابعاً خائناً لقضية الديمقراطية بزعامة هتلر
ضيق الميدان
ننتقل بعد هذا إلى النقطة الثانية، وهي ضيق مجال الانسحاب فقد كانت جيوش الحلفاء تقاتل في رقعة صغيرة من الأرض يليها البحر. فكان مجال التراجع ضيقاً لا يعطي للقوات المنسحبة الميدان الكافي لإنشاء خطوط قتال جديدة. ولم يكن هناك مفر من إخلاء الميدان والاستعانة بالأساطيل البحرية لنقل الجنود، وهي مهمة شاقة محفوفة بالأخطار تستلزم تجمع القوات في بقاع صغيرة. فيسهل الفتك بالقوات سواء بالطائرات أو بالمدافع البعيدة المرمى.