للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

ومن مبادئ العلوم العسكرية ألا تتجمع القوات بأعداد كبيرة في بقعة محدودة حتى لا تكون هدفاً سهلاً لطائرات العدو وتكون خسائرها كبيرة، ولكن تحقيق هذا المبدأ لم يكن سهلاً في هذه الحال ولا سيما بعد أغلق بعض الموانئ بإغراق بعض السفن المحملة بالأسمنت فيها فسدت مسالكها وتعذرت الملاحة فاضطر الحلفاء إلى الاعتماد على ميناء دنكرك وحده

القوة الكامنة

وتيسر تذليل هذه العقبة بتعاون وحدات الطيران والبحرية في إبعاد قوات العدو وتدمير خطوط مواصلاته. فوجهت إنجلترا عدداً هائلاً من سفنها الحربية والمدنية، وعبأت جميع قواتها البحرية من سفن صيد ونوادي تجديف وغيرها لنقل الجنود وحمايتهم. فتم الانسحاب بنجاح كبير وخسائر قليلة مني الألمان بأضعافها. ودلت هذه الحركة على ما في الأمة الإنجليزية من قوة كامنة تظهر في وقت الشدة

واستغل الحلفاء طبيعة الأرض حول ميناء دنكرك لإبعاد قوات الألمان عنها فغمروا الأراضي في شمالها وجنوبها بماء البحر واضطرت قوات الألمان إلى وقف تقدمها خلف حواجز الماء، بينما ترك الطريق التقهقر مفتوحاً من الشرق لقوات الحلفاء التي استمرت في قتالها أثناء انسحابها النظامي. فليس معنى الانسحاب ترك الميدان دفعة واحدة؛ بل إنه يتناول عدة حركات عسكرية. فبينما يهاجم جزء من القوات الجيوش المعادية يتراجع الجزء الآخر وهو يحمي مؤخرة القوات المقاتلة؛ وهكذا يستمر الحال فيتيح الفرصة للجزء الأكبر من القوات للوصول إلى أهدافها.

وفي الحرب الماضية

وإذا عدنا إلى سنة ١٩١٤ حين انسحبت الحملة البريطانية من خط بنش كونديه إلى جنوب نهر المارون نجد المجال الواسع الذي كان أمام تلك القوات، إذ كان ميدانها عريضاً تحمي جانبيه قوات فرنسية ولا تقلقه قوات الطيران كما هي الحال الآن. فكانت القوات تتراجع بنظامها العادي دون أن تلجأ إلى التجمع ودون أن تكون هدفاً صالحاً؛ واعتبرت حركة انسحاب الجنرال فرانش عملاً عسكرياً بارعاً نظراً لكثرة القوات التي كان يحاربها

وفي الانسحاب الأخير توفر للألمان الكثرة العادية العددية واستغلال الطائرات والموقف

<<  <  ج:
ص:  >  >>