الحربي الممتاز. يضاف إلى ذلك ضيق مجال تراجع الحلفاء واقتصارهم على إنزال قواتهم من ميناء واحد تتعذر فيه الحركات البحرية لسببين: ضيق مدخله، وعوامل المد والجزر، وهما يستلزمان براعة كبيرة في القبض على دفة السفن
ولا تعتبر موقعه الفلاندر نصراً كبيراً للألمان، لأن قوات الحلفاء خرجت منها سليمة ولم تخسر إلا ٢٠ % منها، وهذه القوات ستعود إلى ميدان القتال في فرنسا بعد أن تأخذ قسطها من الراحة. ولا تعتبر الموقعة حاسمة إلا إذا انتهت بتشتيت شمل قواتها على الأقل أو إبادتهم وهذا ما لم يحدث في معركة الفلاندر بل بالعكس أن الجنود الإنجليزية والفرنسية عرفت أثناءها فقط الضعف في القوات الألمانية بحركاتها العسكرية الحديثة وستستغل هذا الضعف في المواقع المقبلة. وكفى أن يؤمن الجندي بأنه أبسل وأقوى من عدوه ليقهره. وشعرت ألمانيا بفشلها فأسرعت في صباح يوم الخميس بتوجيه هجومها إلى جبهة السوم لتحصل على ما فقدته في الفلاندر. والمعروف أن معركة الفلاندر أتاحت لقوات السوم أن تحصن مواقعها
وإيطاليا؟!
من الواجب أن نناقش مسألة حربية ذات أهمية خاصة بالنسبة لنا، وهي مسألة دخول إيطاليا الحرب. فقد أصبح من المقطوع به اشتراكها فيها. ولكن هل من مصلحة إيطاليا أولاً والمحور ثانياً اشتراكها فيها؟ هذا سؤال لا يتردد الخبراء العسكريون في الإيجاب عنه بالسلب. فليس من مصلحتهما لا من الناحية العسكرية ولا من الناحية الاقتصادية أن تلج هذا السبيل
أما من الناحية العسكرية فقد ناقشنا موقف إيطاليا في البحر الأبيض المتوسط في مقال تبعاً لمواقعها العسكرية والقواعد البحرية التي تسيطر عليها. وبقي أن نتكلم عن قواتها العسكرية وموقعها الجغرافي ومقارنة هذه القوات بقوات الحلفاء مع ملاحظة تشتت الإمبراطورية الإيطالية في بقاع يسهل عزلها. فمستعمراتها في شرق أفريقيا محاطة بالممتلكات البريطانية فضلاً عن سهولة قطع مواصلاتها بإيطاليا بإغلاق قنال السويس في الشمال والبحر الأحمر من الجنوب، ثم فرض الرقابة البحرية على خطوط المواصلات البحرية عن طريق راس الرجاء الصالح