طالعت في ديوان (ليالي الملاح التائه) شعراً متين الحبك، مشرق اللون، قوي النبرة، مؤمناً بذاته، وطلعت عليَّ منه عاطفة لا تتستر بخيال إصبعها ولا تتلبس غير لباسها. وكنت أود لهذه الشاعرية ألا تغرق في لجج الوطنيات، ولا تفرغ حماستها في كؤوس الخيام، أشكر لك يا أخي هديتك المسلوخة عن قلبك، وأتمنى لقلمك لا تشيخ. . .
تيسير الفقه
كنت أقلب صفحات (وحي الرسالة) للأستاذ الكاتب الكبير صاحب (الرسالة) أعزَّ الله يراعته، فرقعت عيني على ما في أدنى الصفحة التاسعة والعشرين وأعلى الصفحة الثلاثين من كلام جرى بين الإمام الشيخ محمد عبده طيب الله مضجعه وبين شيخ من رجال المحكمة الشرعية. سأله الأستاذ الإمام فيم يشتغل؟ فقال: نعلم النصارى الذين يدخلون الإسلام أركان الدين. فقال له: يكفي أن تقول صل وصم وزك وحج. فقال: ولا بد أن نعلمهم الوضوء. فقال: قل له أغسل وجهك ويدك إلى مرفقيك وامسح رأسك وأغسل رجليك. فقال: ذاك لا يكفي ولا بد أن نعلمه حدود الوجه من أين يبتدئ وإلى أين ينتهي. وقد أجابه الإمام بحدة قائلاً: قل له يغسل وجهه، كل إنسان يعرف حدود وجهه من غير حاجة إلى مساح.
شعرت بعد قراءة هذه الجمل بحاجة الفقه الإسلامي إلى تيسير، وهذا يكون بتأليف كتاب ينطوي على المباحث الفقهية كافة، يستغني به عن كل مطوَّل ونختصر، ويقرر تدريسه في الأزهر وفي سائر البلاد الإسلامية ليكون الفقه مألوفاً للناس على اختلاف معارفهم ومداركهم، وعائشاً مع الثقافات كعلم ثمين وأما أسس التيسير فينمّ عنها التيسير نفسه، ومع ذلك فربد من الإشارة إلى بعض هذه الأسس والطرائق والأشكال:
١ - حذف الزوائد الفقهية من مستحقات وآداب وإساءات (وعلل غير معقولة)
٢ - استعمال اصطلاحات جديدة منظمة وإلغاء الاصطلاحات القديمة - فيما إذا تحقق اضطرابها -