بعض المفسرين:(إن الضمير في ينفقونها عائد على الفضة، واستغنى بذلك عن عود الضمير إلى الذهب والفضة معاً للدلالة)
والعرب تخاطب الاثنين أيضاً، ثم تنص على أحدهما دون الآخر فتقول: ما فعلتما يا فلان؟ وفي القرآن (فمن ربكما يا موسى) وأغفل هرون، وفيه (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى، خاطب آدم وحواء، ثم نص في إتمام الخطاب على آدم وأغفل حواء، فلا فرق بين عبارة النويري وهذه الشواهد إلا أن هذه للخطاب وتلك للغيبة، وسبب الحذف واحد في الجمع وهو التنويه بالأهم غيبة أو خطاباً
وقريب من هذا - أو عكسه - ما تفعله العرب من نسبة الفعل إلى الاثنين وهو لأحدهما كقوله تعالى في قصة موسى نفسها (فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما) مع أن النسيان كان من أحدهما لأنه قال (فإني نسيت الحوت وما إنسانيه إلا الشيطان) وكقوله تعالى: (مرج البحرين يلتقيان) وأحدهما عذب والآخر ملح، ثم قال:(يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان)، وإنما يخرج اللؤلؤ والمرجان من الملح لا من العذب
وهكذا يجد المتأمل في لغة العرب غير قليل من السعة والمرونة لا محل للتزمت فيه. . .
٧ - (ص٢٧١س٥): (قال موسى يا رب بما سمعت دعاء بلعام على فاسمع دعائي عليه قوله: (بما سمعت) لعل صوابه: (كما سمعت) أي اسمع دعائي كما سمعت دعاءه. . .
وأقول: إن في هذه التخطئة غير قليل من التجني على اللغة إذ أن مثل هذا التعبير عند تذوق أساليب العربية وقرأ كلام الله وأحاديث رسوله صحيح سائغ رائع، ولأقرَّب المعنى المراد أستعدي الإعراب فهو رائدنا إلى الصواب. وذلك أن (الباء) في عبارة النويري للسببية و (ما) مصدرية، والمعنى:(يا رب، بسبب سماعك دعاء بلعام على فاسمع دعائي عليه). وذلك كثير في كلام الله وإليك الشواهد:
(أ) قوله تعالى: (إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون) أي بسبب فسقهم
(ب) قوله تعالى: (قال لا تؤاخذني بما نسيت) أي بنسياني
(ج) قوله تعالى: (ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون)
(د) قوله تعالى - وشبيه به عبارة النويري لفظاً، وليس كمثله شيء -: (فأما الذين اسودت