للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أذكر عبارة وقعتُ عليها في كتاب (فقه اللغة) لأبي منصور الثعالبي أورد فيها الفعل بلغ معدي بإلى، وكأنه ضمنه معنى وصل أو انتهى، والثعالبي هو الثعالبي. قال ص٥٧٨: (ومثله قوله عز وجل (ومنكم من يرد إلى أرذل العمر) وهم لم يبلغوا إلى أرذل العمر فيردوا إليه)

٥ - (ص١٣٩س٧): (وقيل إن النساء خلون به ليعدلنه لها) يعني أن نسوة المدينة لما بلغهن خبر جفوة يوسف لزليخا امرأة العزيز خلون به ليعدلنه، وقد ضبط فعل (يعدلنه) بدال المهمة المشددة من فعل عدَّله إذا أقامه وسواه. قال الأستاذ المغربي: (إن الأصوب والأليق بالمقام أن تكون (يعذلنه) بالذال المعجمة من العذل على معنى أن النسوة خلون بيوسف وأخذن في عذله ولومه على ما كان من جفوته لسيدته وإنه لا معنى للتعديل والتقويم هنا إذ ليس المقام مقام تربية ولا تقويم، وإنما المقام مقام حب وجفاء)

وأقول: إنه ليس ثم داع لهذا التصويب، وإن الكلمة لا هي يعدَّلنه كما ضبطها الشارحون ولا يعذلنه كما يرى الأستاذ المغربي؛ وإنما هي يَعْدِلْنه بغير تشديد من الفعل الثلاثي عدل بمعنى عَطَفَ، والمعنى أنهن خلون به ليجعلنه يعدل إليها وينعطف، والدليل على ذلك ما يقوله صاحب الأساس في مادة عدل (وعدلته عن طريقه وعدلت الدابة إلى طريقها: عطفتها)؛ وهذا الطريق يعدل إلى مكان كذا. وفي حديث عمر رضي الله عنه: (الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني كما يُعْدَل السهم).

٦ - (ص٢٤٢س٢): (فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول) قوله (فحملوه) لعل صوابه (فحملوهما)، أي حملوا كلاًّ من الخضر وموسى وإن كانوا لم يعرفوا إلا الخضر، ويشهد لما قلنا قوله بعد (فلما ركبا في السفينة) بألف التثنية أي الخضر وموسى

وأقول: إن ذكر الاثنين ثم إعادة الضمير على أحدهما دون الآخر مما جرى عليه العرب في تعبيرهم كما استشهدت في أول هذه التصحيحات، وخصوصاً إذا كان ثم مسوغ بلاغي أو معنى لهذا الحذف؛ وهذا المسوغ ذكره الأستاذ الناقد نفسه في خلال كلامه، وذلك قوله: (وإن كانوا لم يعرفوا إلا الخضر). على أن الحذف باب من أبواب البلاغة المشهورة، فقوله (فحملوه) يتضمن محذوفاً أي (موسى) وذلك مطرد في كثير من كلام العرب وفي كلام الله، ألم تسمع إلى قوله تعالى (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله)؛ قال

<<  <  ج:
ص:  >  >>