وهنا جرثومة حية صغيرة تنمو وتنمو معها الحياة ولكنها لا تؤمن على سائر الأحياء، ولا بد من دواء يطول فيه العناء، فماذا أنتم مؤثرون يا معشر الخلق بين هذا البلاء وذاك الفناء؟
هنا يبدو لنا أن خلقة (الميكروبة) مكسب كبير كما قال (أوليفر لودج) الذي يقدس الجرثومة لأنه يقدس الحياة
وهنا يبدو لنا أن علاج (الميكروبة) مكسب آخر قد ارتقينا به في مراتب الفهم والمعرفة وكبحنا به كثيراً من شرور العجز والجهالة
وعلى هذا النحو تقترن المحنة بكل منحة، ويقترن العناء بكل نماء:
يبكي الطفل حين يولد، ويمرض حين تنبت له أسنان، ويختل ميزانه زمناً حين يدرك المراهقة، ويشقى بالتبعة زمناً حين يخرج من وصاية الأب إلى رشد الرجولة، ويعطي كلما أخذ مادام مرتقياً في مراتب الحياة
فمن يدر ما تشتري (الإنسانية) غداً وقد بذلت الثمن الفادح في الحرب القادمة؟
إنها مشترية شيئاً لعله يجمع بين فضيلة الفطرة وفضيلة الحضارة، وبين مزية الأناة ومزية السرعة، ولعله يفيض على بني الإنسان طمأنينة الواجد الذي يحمي ما يجد فهي خير من طمأنينة المعدم الذي لا يملك ما يفقد، وهي حالة يرضاها صديقنا الأستاذ إذا أغضبته الحروب، أو هي حالة أقرب إلى الإمكان من كرة أخرى إلى عصر الجمل والحصان، وحرب السيف والسنان