للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبرج الذهب وجنة الريف. . . ليكون هذه الموسيقى الساحرة ترجعها نغمات (بلنسيا)، على أسماع الملايين من أبناء الغرب، وفيها تتجلى الروح العربية الصافية بتأثيرها وعذوبتها وجمالها. .

ومشى الزمن يوسع الخطى؛ فإذا بعبد الله الصغير آخر ملوك الأندلس يقف على ربوة عالية، يستشرف ملكه المضاع من خلل الهدب الرفاف بالدمع. . . وإذا ذلك الخلود بجنانه وقصوره، وأبهاته ومدارسه، ومحاريبه وجوامعه، يستحيل شيئاً فشيئاً إلى حلم ينطوي كلمح السراب. . . ويهينم الشراع في الفضاء:

ألا انقضى آخر أمل للعرب في الفردوس. . . ثم تبقى تلك الجلائل شاخصة إلى السماء كأنما هي تستغيث بالله. . . حتى يدركها ألأين فتهوى صريعة الزمن العسوف ركاماً يسابق ركاماً. . . ولكن قنابل فرانكو تريد ولا يهمها أن تكون صفحة سوداء في وجه التاريخ.

إن الاتجاه القومي في العراق بادرة من بوادر اليقظة في الأمة العربية فيجب أن يكون له نصيب من الروح كما يجب أن يكون له نصيب من المادة

وهانحن اليوم على وشك الدخول في حياة جديدة مغايرة لتلك الحياة التي تصرمت بين جهل الرعية وظلم السلطان واستبداد الدخيل. وآن للفن أن يستيقظ وينشط فيأخذ مكانه كسبب خطير من أسباب الحضارة الكاملة، وعامل من عوامل النهضة القويمة. . .

ولكن في الشباب من ينكر هذا ولا يرضاه، وفي الشباب من يستخف به ويجتويه. وفي الشباب مراجل تجيش فيها المتناقضات، فلا تعرف فيهم الغاية اليوم إلا وتجدها غيرها التي كانت بالأمس

ولكننا رغم وجود هذه النفوس المتماوتة، سنتم بناء أنشأته الجهود وبنته العزائم وأقامته التضحيات. . .

إن كان الكلام وسيلة من وسائل الجهاد الأعزل فلا نريده إلا مقروناً بالعمل والدأب، وإن وجد فينا من يئست روحه وتصاغرت معنويته عن إدراك هذه المعاني الجديدة فلا نرضاه باسم العروبة. ولذا حق لنا أن نوجه الخطاب إلى الشباب فنقول:

أيها الشباب العامل: ما جمال الجسم إن لم يعزز بفضائل الروح؟ وما نفع هذه الرؤوس المملوءة بالخيالات إن لم تكن قادرة على ولادة الأعاجيب!

<<  <  ج:
ص:  >  >>