تعاظم محتقراً أمرنا ... وأمعن في شَرَّهِ المستطيرْ!
هرميس:
ظلمتنَّ هذا الغلام البريء ... وقد غَضَّ من ناظريهِ الحذَرْ
أَهَلَّ بقلبٍ كفرخِ القطا ... يرفرفُ تحتَ جناحِ القدَرْ
رَآكنَّ فيهِ وحيَّا بهِ ... فلم أدْرِ حاجتَه للنظرْ!
الأرواح:
وكيف تكلَّم قلبُ الفتى ... وما هو إلاْ سليلُ البشرْ؟
هرميس:
هُوَ ابنُ السماءِ ولكنَّه ... من النقصِ تركيبُه والتمامْ
صَنَاعُ الطبيعةِ بلْ صُنْعُها ... فمنها دمامتُهُ والوسامْ
يُسِفُّ إلى حيث لا ينتهي ... ويسمو إلى قمةٍ لا ترُامْ
ويُسْقَى بكأسٍ إلهيةٍ ... مُرَنقةٍ بالهوى والأثامْ
نقيضان شتى فما يستقرُّ ... على غَضَبٍ منها أو رضاءْ
تحدَّى الحياةَ وآلامهَا ... ببأسِ الجبابرةِ الأعلياء
يزيدُ عُتُوًّا على نارها ... ويلمعُ جوهرهُ مِنْ صَفاء
وينشقُّ عن نَضْرةٍ قلبُه ... وإنْ طَمَرَتْهُ ثلوجُ الشتاء
هو القلبُ محتشداً بالمنى ... هو العقلُ متقداً بالذكاء
حَبَتْهُ الألُوهَةُ روحاً يَرىَ ... وينِطقُ عنها بوحي السماء
يَحُسُّ الخيالَ إذا ما سَرىَ ... ويلمسُ ما في ضمِيرِ الخفاء
ويبتدرُ النجمَ في أفقهِ ... فيرشُفُهُ قطرةً من ضِياء
أرَتْهُ السماء أعاجيبها ... وَرَوَّتْهُ من كلَّ فَنٍّ بديعْ
فضنَّ بلألاءِ هذا الجمالِ ... وخافَ على كنزه أن يضيع
أبَى أَن يُبدّدَهُ ناظراه ... فأطبقَ جفنيهَِ ما يستطيع
فإن شارف الأرضَ نادتْ بِه ... فَفَتَّحَ عيناً كعينِ الرَّبيع