هي التي ستكشف للبشرية بعد جيل أو أجيال عن حقيقة موقف الإنسان من هذه الأحياء التي شاء الله أن تعيش معه على ظهر هذه الأرض. وإذا كان الإنسان يدعي أن له في هذه الأرض السيادة، فإن عليه أن يستكمل لهذه السيادة شروطها، وأول شرط منها أن ينظر فيما سخره الله له من الخلائق، وأن يفهم طبائعها حتى يستطيع أن يركن إلى كل منها يطلب عنده علماً بما يجهله وبما آتاه الله الحيوان من قوى
وإذا كان الإنسان يرى في بعض الحيوان بأساً وقوة يخشاهما فكل حيوان يرى في الإنسان دهاء وخبثاً يخشاهما هو أيضاً ويمقتهما ويقاسي منهما الأمرين، وعندما يأمن الحيوان جانب الإنسان فإنه من غير شك يوليه بذلك أماناً وصداقة، والإنسان يستغل في نفسه هذا الامتياز منذ القدم، ولقد استأنس به أسوداً وفيلة وطيراً ووحشاً، ولعل القدماء كانوا أحسن عشرة للحيوان منا، فنحن قد غرتنا مدنيتنا وشغلتنا حتى لم نعد نعبأ إلا بأن نكون سادة، ولو كنا الطغاة الجاهلين. . .