ونفوذاً كبيراً، وكان ولا يزال موضع عداوة قاسية من طبقة المتزمتين الجامدين
وإنه وإن كان فيما انتهى إليه قد صبغ الإصلاح بمصر بلون خاص - مع العلم بأنه كان ضد النفوذ الغربي - فإن الاسم الذي أطلقه عليه جولدزيهر بأنه (ذو ثقافة وهابية) أقرب الأسماء إليه وأولاها به. فمن الحق أن نقرر أن هذا العامل هو الذي يفسر لنا إصلاحات محمد عبدة الدينية التي لا ارتباط بينها وبين الحركة الهندية. وأن ما أسماه جولدزيهر (ثقافة وهابية ليس معناه أم أن هذه الخطة قد جاءته مباشرة من الوهابيين، وإنما غرضه التفريق بين حركة الثقافة في الهند والحركة المصرية التي تسودها العوامل الدينية وترفض ما لا يقره الدين، الأمر الذي لا شك في كونه أثراً جاء من العربية الخالصة
وكان لسان حال مدرسة الإمام محمد عبدة مجلة النار التي يحررها السيد رشيد رضا السوري التي أخذت تنازع في الإجماع المنعقد على المذاهب وتقليدها وتطالب بالاجتهاد على أساس القرآن والسنة. فقد رأت هذه المدرسة، مثل مدرسة الهند، أن الإسلام دين عالمي موافق لكل الشعوب وكل العصور، متفق مع الحضارة، ولكن على شرط ألا يأخذ بمذهب واحد من المذاهب، بل يجب الرجوع إلى القرآن والسنة الصحيحة، فهي ترى مثل الإمام الغزالي الذي صرح بهذه الفكرة منذ ثمانية قرون أن المفتاح لشرح الحالة التي طغت على الإسلام، إنما هو في جمود المذاهب الأربعة وانحصار العلم فيها وحدها، تلك المذاهب المتخالفة، وما فيها من تكرر عتيق، ومماحكات غير نافعة، وما تلاها من فقه المتأخرين، ليست هي الإسلام والدين، وإنما ذلك في القرآن والسنة. وأغلب ما في هذه المذاهب إنما يقوم على الاشتغال بفروع جزئية تتغير بتغير البلاد والأوقات وتخضع للتغيير تبعاً للعلاقات الاجتماعية، ومثل هذا لا يصح أن يسلك به في سلك ديني ثابت لكل زمن غير قابل للأخذ والرد. وكان من أثر هذه المذاهب الاختلافات التي حدثت في الإسلام مما وقف ازدهاره. وهكذا رفضت هذه المدرسة أساس المذاهب الفقهية القائم على (اختلاف أمتي رحمة)، وقالت: إن الأمر بالعكس. وطعنت في صحة هذا الحديث الذي يخالف آيات كثيرة من القرآن.
وقالت أيضاً أن الوحدة والمرونة إنما تكون بالرجوع إلى القرآن والسنة وحدهما حيث توافق الشريعة الحياة في كل وقت وكل حال، وبهذا يمكن الرجوع بالإسلام إلى حالة القوة