هزاتها على مساقها ومجراها، ثم تتشعب فتنتشر فتعَمل عَمَل الجيش المحارب في هدم صفوف العدو وتفريقها وبَعْثرة قواها المحتشدِة لِّلقاء احتشادَ البنيان المرصوص بعضه على بعض
نعم. . . لن أستطيع ذلك، ولكني سأصف لك بعض الصفة واستشعر أنت كيف يعمل ذلك في هدم الرجل ويسرع في تدمير رجولته أمام أنوثة طاغية تتحدى وتأخذ سلاحها الذي تتحدى به من رجولة عواطف المحب الذي يَرى أن تعاونَ القلبين بالحب، وصبابة النفس إلى النفس الأخرى، هو تمام رجولته وتمام أنوثتها
كان لقاؤهما تجديداً غريباً في قديم نفسه. . . لقد استطاعت هذه الساحرة الجميلة الفتانة - كما وصفت لك - أن تمحو ماضيه كله، وأن تمزق صحُفَ أيامه المهملة التي كان القَدَر يكتب فيها تاريخه الأول. مزقت هذه الساحرة تلك الصحف، وألقت بها في النار التي أشعلتها في قلبه بالحب. بدأ يحيا بها وبسحرها حياة رائعة فاتنة من أحلام الحب، وجعلت هي. . . وجعلت هي. . . آه يا صديقي! هذا كثير كثر، إن ذكرى ذلك كله تؤلمني. . . إنها تعذبني. . . إنها تخِز قلبي بمثل السنان الحديد يقع وخزاً متتابعاً شديداً يتفجر في نزعه بالدم. . . كيف أستطيع أن أقول لك الآن ما الذي كانت هي تفعل! وماذا أقول لك؟ آه. . . إن أنوثتها، بل رقتها، بل حنانها، بل رحمتها، بل إخلاصها، بل حبها. . . كيف يكون هذا؟ بل ذلك الصوت المنغم الروي الممتلئ صوت الحنين المتعذب. . . صوت القدر الآتي من بعيد بأفراح السعادة. . . صوتها. . . صوتها. . . ذلك الصوت المعبر عن نفسها بألحان تتجاوب وتسري وتموج في كل غيب من غيوب نفسه المتراحبة. . .!
إن كل هذه العواطف التي يرسلها إليه صوتها وهي تتكلم كانت تعبُّ فيها عبابها، حتى يجد الأمواج النفسية تتقاذفه في فرح بعد فرح، ومن سعادة إلى سعادة، ومن حلم إلى حلم، كأنه ماض إلى جنة الخلد في زورق من اللذات الطاهرة الجميلة، تحف به الملائكة تغني لقلبه أناشيد المجد والخلود. . .! إنه سوف يسمو بروحه إلى ذلك الجو الذي يعطِّره النبل، ويفيئه الحب، وينديه الحنان، وتضيئه هي بسنتها المشرقة، وتسبح فيه النجوى أنغاماً حرة تهيم وتتعانق
جعلت أيامه معها تتهدل ثمارها الناضجة المغرية، وجعل يقتطف منها حيث أراد، وجعلت