وكتب بتاريخ ١٦ أغسطس:(ما أزال بين الشك والقلق والانتظار فلا أعرف عن الحركات الحربية في جبهة القتال إلا النزر اليسير مما ينقله إليّ الضباط. ولما أشير عليّ بزيارة خطوط النار استشرت وزير الحربية فاستصوب فكرتي، ولكنه رأى من واجبه أن يستشير أولاً أركان الجيش العليا التي لم تر زيارتي في الحالة الحاضرة مناسبة فعدلت عنها ممتثلاً. واراني كأحد أولئك الملوك الكسالى الذين يقضون أيامهم في الخمول والدعة فالجيش اليوم هو صاحب الكلمة العليا ولا مندوحة لي عن السكوت والامتثال)
وفي تلك الثناء جاء كليمنسو رئيس الجمهورية وشكا إليه أن أركان الجيش تخفي اندحار الجيوش الفرنسية وتذيع انتصاراً وهمياً، وأبلغه أن الألمان اسروا طابوراً فرنسياً بأسره ونكلوا بآخر. فقال بوانكارية إنه يجهل كل ذلك، لئن أركان الجيش لا تمده بشيء مما يجري في ميادين القتال، ثم قاتل:(لقد طالبت مراراً فما كنت أُجاب إلا بالسكوت)
وكان موقف فرنسا يزداد حرجاً بين يوم وآخر، فالألمان في بلجيكا كانوا يتقدمون بسرعة، والإنكليز تراجعوا حتى فالنسيان موبوج، والجنرال جوفر أمر جيوشه بالانسحاب. وفي ذلك يقول بوانكاريه في يومياته:(أردت وأنا بعيد عن خطوط القتال أن أسعى إلى (الاتحاد المقدّس) بتأليف وزارة جديدة فصدمتني المنازع الشخصية والمشاكسات السياسية. عن فيفياني (رئيس الوزارة يومئذ) محاط بجيوش من المطامع، وقد ذكر لي في جملة المرشحين للوزارة الجديدة بعض أسماء يستحيل قبولها لأنها تدعو إلى الخجل. عاد إليّ ميلران وصرَّح بأنه لا يقبل وزارة الحربية إلا خوّل حق الاتصال مباشرة بالجيش المحارب)
وأراد أوغانجر وزير البحرية أن يحمل مسيمي على الاستقالة من وزارة الحربية، فتظاهر بالإشفاق على صحته قائلاً له بلجة تجمع بين الجد والدعابة:(إن دلائل الجهد ظاهرة عليك، فأنصح لك نصيحة طبيب أن تترك مهمتك الشاقة التماساً للراحة، وإلا اعترتك السوداء). فوقع هذا الكلام في نفس الجنرال مسمي موقع الرضى، فاستقال من منصبه، وذهب إلى ساحة القتال يقود أحد الجيوش
وذكر بوانكاريه أيضاً في يومياته: (طالب المسيو بريان بوزارة العدل، فتخلى له عنها المسيو بينفيني مارتان مثال الوداعة والإخلاص. وطالب دلكاسه، وهو أكثر تعنتاً من بريان