للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كانت. إن عليها لهؤلاء المساكين حق الإرشاد والمعونة بكل ما تملك يدها من مال وما يملك قلبها من الحب

وتبدلتْ راجية مذ طرقها هذا الشعور الجديد، فعادت فتاة غير من كانت!

وأحبت القريةَ أكثر مما كانت تبغضها، حتى لو أن أحداً راودها أن تعود إلى المدينة لتأبّت، وتزّينتْ لها القريةُ زينةَ عروس؛ فكل ما فيها جميل فاتن!

ومضت أيام، وبعث (صلاح) إلى أبيه:

(أبي!

(. . . وكل شيء هادئ، فليس ثمة خطر مما توقعْتَ أن يكون. . .

(وإني لأخشى أن يكون حياة القرية بحيث لا تطيب لكم فيها الإقامة، فإن رأيت. . .)

وقرأ الأب رسالة ولده فصبأ؛ لقد كان يقدّر - وهو ربيب القرية منذ كان - أنه يستطيع أن يعود إلى ماضيه فيعيش في الريف عاماً أو بعض عام حتى تهدأ العاصفة ويعود السلام والطمأنينة إلى المدينة؛ ولكن. . . هاهو ذا يحسّ السأم والملالة ولما تمض أيام. . .!

واجتمعت الأسرة حول عميدها تفكر وتدبر، وقالت راجية: أبي. . . ولكن المدينة. . .

وقاطعها أبوها: لا يا بنيتي؛ لقد كنا مغالين في تقدير الأمر، وأظن خيراً لنا أن نعود. . .!

ولكن راجية لم تعد إلى المدينة، ولم يعد أبوها، لأن ضيفاً عزيزاً هبط عليهم في القرية فتلبثوا لاستقباله. . .

لقد أجمع (عابد) رأيه على أمر، فكتب إلى الأسرة يستزيرها في القرية، وكان معه صلاح

وتحلق حول المائدة ثلاثة نفر يتشاورون في أمر ذي بال. وقال عابد، وقال صلاح، وقال أبوه؛ وتركوا لراجية أن تقول الكلمة الأخيرة؛ وقالتها، وانتهى النبأ إلى الجيران فتجاوبت الزغاريد من طاق إلى طاق

وقال الفتى لفتاته: والأمر لك يا عزيزتي من بعد، فإن شئت كان العرس في المدينة، فإني لأعرف كيف تريدينه أن يكون، وإني ليسرني أن أرضيك. . .

وابتسمت راجية وقالت: شكراً يا عزيزي، ولكن إنني حريصة كل الحرص على أن تكون صديقاتي جميعاً إلى جانبي، هنا، وأن يشاركننا جميعاً في الفرح والمسرة!

قال عابد: يسرني. . . ولكن. . . أترين. . .؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>