يفرضونه هناك على جميع الشبان، وليس هو بهندسة ولا بعلم واختراع، ولكنه شيء أقرب إلى الأحاجي والأساطير!
فالهندسة ليست مصدر القوة الألمانية
والأدب لم يكن مصدر ضعفهم يوم انهزموا في الحرب الماضية
لا شأن للهندسة والأدب هنا وهناك، بل الشأن كل الشأن للبواعث النفسية، ثم تكون هندسة القوم أو يكون أدب القوم على حسب تلك البواعث من الحركة أو السكون ومن الخير أو الشر ومن الصلاح أو الفساد
ويح الإنسان. . . كم تروعه الضجة وكم تخلبه قعقعة السلاح!
وماذا لو طبقنا رأي الأستاذ الصاوي على العلم نفسه ولا نقول على الفن والأدب والقصة والرواية؟
يوم أن هزمت فرنسا في حرب السبعين كان اسم بسمارك ومولتكه يدوي في كل زاوية من زوايا الأرض، ويجري على كل لسان في المغرب والمشرق
وكان في زاوية من زوايا فرنسا رجل يدعى لويس باستور يكشف جراثيم الأوبئة وأسرار التعقيم، ويعرض نفسه كل لحظة لهلاك لم يتعرض له بسمارك في العمر الطويل
فما رأي الأستاذ أحمد الصاوي في رجل غاضب مثله متحمس مثله ناصح لبنى الإنسان مثله يدخل على الشيخ باستور فيقول:
قم أيها الشيخ الفارغ ولم قواريرك وأنابيبك؟! الوقت وقت نار وحديد وليس وقت ماء وزجاج!
وأين مع ذلك حرب السبعين كلها بما انطلق فيها من المدافع وانصهر فيها من الحديد إلى جانب تلك الأنبوبة التي لم يسمع بها ساكن الحجرة المجاورة في بيت باستور؟
لكنها الضجة التي تروع الإنسان. ويح الإنسان، ثم ويح الإنسان!
ولو سألنا له جزاءه الحق لسألنا له طوفاناً من الطغيان يغرقه إلى آخر الزمان، ويشبعه ما استطاع الشبع من الحدائد والنيران
ولكنه مخلوق غافل، تشفع له نية مصلح أو نفحة فنان.
وقد نعلم رأي الصاويين جميعاً فيما يقولون الآن، إذ نسيت الحرب القائمة، وبقيت صرخة