فالإمبراطورية الفرنسية غنية وما زالت سليمة، والإمبراطورية البريطانية غنية وما زالت سليمة، وأمريكا غنية، وإذا لم تدخل الحرب اليوم فستدخلها غداً؛ فإعداد الشعب الأمريكي للحرب يحتاج إلى سنوات، والشعب الأمريكي الآن مستعد لقبول فكرة الحرب أكثر منه في سنة ١٩١٤، وهو لم يدخل الحرب الماضية عقب هزائم الحلفاء الأولى، بل استمر بعيداً عن ميدان القتال سنتين تقريباً، فهل انقضت هذه الفترة ليقطع بتان الأمل؟
والمعروف أن نقطة الضعف في المحور الديكتاتوري هي إيطاليا فإن قوتها العسكرية، ومعداتها الحربية، وصبر جنودها على متاعب القتال، وانكشاف سواحلها لا تقاس بمثلها عند الألمان، ولهذا كان من المقدر أن تصاب قواتها بخسائر فادحة تقضي على مقاومتها نهائياً وترغمها على التخلي عن ميدان القتال
ما خسرته الحرب
أدى تسليم فرنسا إلى تغيير كبير في الموقف، فلو استمرت في الحرب لنقلت قواتها البرية إلى ممتلكاتها في شمال أفريقيا، وهي تقدر بالملايين مما يسهل الاستيلاء على ليبيا وحصر إيطاليا في الشمال وألمانيا في أوربا، وتنفذ سياسة الحصر البحري والمناوشات الحربية البرية والجوية لكما سنحت الظروف إلى أن تنهار قوات المحور؛ وعلى العموم لم يؤد تسليمها إلى تغيير خطير. فقد أعلنت الممتلكات الفرنسية تصميمها على القتال، مخالفة بذلك قرار حكومتها، فإن الجندي الفرنسي يأبى التسليم بمثل هذه الشروط ولا سيما إذا كانت قواته سليمة كما هي الحال في تونس ومراكش وسوريا ولبنان
وخسرت إنجلترا بقبول فرنسا لشروط الصلح شيئاً واحداً، وهو القوات المحاربة الموجودة في فرنسا، ولكن المستعمرات لا تلبث أن تعد قوات غيرها، وقد أعلنت بريطانيا استعدادها لإمدادها بالعتاد الحربي اللازم، ومن مصلحة إنجلترا أن تضم إليها في القتال هذه البقاع من الأرض لتحتفظ بمركزها العسكري في البحر الأبيض المتوسط، فإن الشاطئ الأفريقي في غربه في يد الممتلكات الفرنسية، وضمان موالاته لبريطانيا له أهميته لثلاثة أسباب
أولاً - الاستناد إلى قواعده في تونس والجزائر
ثانيا ً - ضمان حياد طنجة، وهي البقعة المواجهة لجبل طارق وقد احتلتها أسبانيا في المدة