قال الخمار:(نعم وقد فهمت. إنك تريد اتهامي بمعرفة شيء عن هذه المسألة، عن هذا الكهف. ولكنني أؤكد لك أنني لا أعلم وأنا مستعد للذهاب معك إلى الغابة في عصر الغد)
ثم هدأت أعصاب الخمار وعاد إلى خديه أحمرارهما، ونظر إليه الضابط مبتسما وقال:(لا تنكر يا شافر! لا تنكر! فأنت تعلم الحقيقة بغير شك، إن لم تكن شريكا فيها. وأنت تريد أن تذهب معي إلى الغابة. . . هذا حسن والله يا شافر! تريد أن تأخذني أنت وصهرك إلى الكهف فتقتلني كما قتلت (إدي ماك جاري)
ثم تغيرت لهجته من الهدوء إلى الحدة وقال:(سأمهلك إلى الغد لتعترف وإن تركت منزلك الليلة فسيراك رجالي، وإن لم تعترف غداً فإنك ستعتقل وتقدم للمحاكمة العسكرية، ومن يدري؟ لعله يحكم عليك بالإعدام)
فارتعش الخمار وتصور منظر المحاكمة والإعدام ورأى القبر مفتوحاً أمام عينيه، وتذكر زوجته وأولاده وما يصيبهم من البؤس بعد موته، وفتح فمه وظل يقول:(لست أعرف! لست أعرف!) وتركه هاريس على هذه الحالة وذهب وهو يعتقد أنه وفق إلى اكتشاف جريمة، وأن جبن الخمار كان دليلاً قوياً على أنه المجرم.
وفي الصباح التالي ذهب هاريس إلى كامبل فأخبره، وكان كامبل قد سمع خبراً لم يشأ أن يطلع صاحبه عليه حتى يلهو قليلاً ببساطته، فأظهر له الاهتمام وقال:(هلم مع حارس إلى الخمار).
وذهبا مع الحارس إلى الحانة فوجدا الخمار وزوجته وأولاده يبكون. وأعاد هاريس استجوابه، والخمار يتنصل وهو يتوعده بأقسى العقوبات إذا لم يعترف، ويعده بتخفيف العقوبة إذا اعترف
فلما لم يجد ذلك جلس هاريس أمام المنضدة وكتب بلاغاً وسلمه للحارس وأمره بأن يذهب به إلى رئيس البوليس
عند ذلك تبادل الخمار وزوجته نظرات ثم همس في أذنه فقال:(لا ترسل البلاغ وأنا أعترف لك)
فأخر هاريس إرسال البلاغ، وجلس بهيئة جدية، وصار يصغي إلى الاعتراف، واعترف الخمار بأنه هو وصهره قتلا (أدي ماك جاري) وتركاه في الكهف