الأوربي كان لا يمكن أن تأتي هذه الأفكار بثمرة. وهكذا ترى أنه بعد ثورة ١٩٠٨ أخذت مسألة الدين مكاناً واهتماماً بنفس الشكل الذي كان عبد الحميد يحاول بشدة تنفيذه، وأخذت الحركة الروحية النائمة التي كان يحاول إيقاظها تدب فيها الحركة
وفي يدنا الآن بحث قيم وضعه عن تطور حركة التجديد في تركيا تركي مثقف ثقافة غربية كاملة، ولكنه في الوقت نفسه ذو إحساس ديني حار، وهو أحمد محي الدين الذي مات مع الأسف في سن مبكرة أما كيف سار التجديد بسرعة قبل أن يقطع طريقه مرة واحدة فيتبين لنا ذلك من هذه الحقيقة وهي أن محي الدين استطاع أن يكتب في سنة ١٩٢١ هذه العبارة:(إن طريقة أهل السنة التي غرضها التمسك بالإسلام بشكله التاريخي الحاضر قد أصبحت اليوم مغلوبة مهزومة). ففي هذا الوقت (١٩٢١) كان يتنازع الغلبة مذهبات مختلفان أشد الاختلاف: المذهب الوطني الذي كان يتزعمه الشاعر المفكر ضياء جك ألب. والمذهب الآخر الذي سمَّاه محي الدين (المذهب الإصلاحي) والذي كانت تقوم عليه شخصية الشاعر الواعظ محمد عاكف، وعمل برنامجه الأمير المصري والوزير العثماني محمد سعيد حليم. ومن الممكن على احتمال قليل أن نميز أولهما بأنه سياسي ثقافي والآخر بأنه ديني إصلاحي والمهم هنا هو أن كليهما قد وضع لمسألة الدين طريقاً واحداً للسير فيه. فكل منهما - كما يقول محي الدين - يرفض الإسلام التاريخي ويطلب الرجوع إلى الإسلام الأول، وكل منهما يرفض اعتبار الشريعة للوقت الحاضر ويطلب حرية الاجتهاد. فهما - كما يرى - قد رسما خطة للتجديد واسعة. ونستطيع أن نتبين من غير صعوبة أن برنامجهما المشترك يتفق في أهم نقطة مع برنامج الإصلاح المصري. وفي الحقيقة أن الارتباط الشخصي ظاهر بين (المذهب الإصلاحي) التركي، وحركة الإصلاح المصرية، وأمور الإصلاح فيهما متفقة
وقد وضع المذهبان التركيان لهما شعاراً للإصلاح الديني كلمة (إسلام أشمق) بمعنى الرجوع إلى الإسلام. وعند تفسير هذه الكلمة عند كل من المذهبين يتبين لنا الفرق الأصلي بينهما
ومعنى هذه الكلمة يرجع في مرحلتها الأخيرة إلى جماعة المؤمنين المتمسكين بالقديم، إزاء العصريين المندفعين في تيار الأوربية المنكرين للإسلام. ثم لما كشف القناع عن دخيلة