وعلم موظفو المكتبة بالأمر فتعجبوا وشُدهوا وقال أحدهم:(هلا انتظر هذا المزور موت الشهود عليه وهم كثير). ثم بلغني أنه يريد أن يتقدم بهذا الكتاب إلى الجامعة المصرية لنيل دكتوراه ثانية؛ فهان الأمر عليّ لأن أقل مناقشة من أساتذة الجامعة المختصين في موضوع الكتاب وتعليقاته تطلعهم على التزوير فيه وعلى أن البضاعة المعروضة هي لغير عارضها
أحسب والله أن هذا الشاب - ولعل أمثاله في المجتمع كثيرون - لا يرى أنه أتى أمراً إدَّا، وأنه فعل فعله أكثر من سبقوه بنيل الدكتوراه من بعض الجامعات الأجنبية، ففيم يفرد دونهم باللوم؟
وإذا كان أولئك الدكاتير نقدوا من صنع لهم أطاريحهم المئات من الفرنكات فلأن هؤلاء الصانعين غربيون ماديون مرتزقون؛ وأساتذة دمشق بحمد الله مثاليون يحتقرون المادة، وحسب أحدهم من تعب السنين وسهر الليالي أن ينقذ تراثاً من الضياع وليس يهمه أن ينسب إلى سواه
وبعد فهذه أنماط مختلفة من أضرار التشجيع، عرضتها ليعالجها وأمثالها المطلعون من الكتاب، حتى يحذرها الناس
وإن أختم بشيء فهو قولي للمسؤولين من علماء وأدباء وأصحاب صحف ومجلات ورجال جامعات:
احرصوا على تثبيط الدجالين والمغرورين حرصكم على تشجيع الأكفياء الصالحين، وما أنتظر لكم من ثواب الله وشكر العلم وامتنان الناس على تثبيط الأولين أضعاف ما لكم على تشجيع الآخرين.
وإذا لقيتم هذا الضرب الوبيل من الناس وجاءوكم بغشهم وتزويرهم وغرورهم وجهلهم، فثبَّطوا ثم ثبطوا ثم ثبطوا