للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

فقصدت القيادة الإيطالية احتلال أكبر جزء من الأرض ولكن الجيش الفرنسي لم يترك لقواتها الطريق حراً، بل وقفها عند المخافر الأمامية، أي أن إيطاليا تسيطر على جانب لا يستحق الذكر من الأراضي الفرنسية لا يتجاوز بضعة كيلومترات في أراضٍ لا أهمية لها من الوجهة العسكرية، فالحصون الفرنسية الإيطالية تقع على جبال الألب وهي خارج المناطق المحتلة

ومن المعروف أن شروط الهدنة الإيطالية اتفق عليها موسوليني وهتلر، أو هي بطريق أوضح من وضع هتلر لا من وضع موسوليني، ومنها نستنتج ثلاثة أمور:

١ - إيجاد قواعد فرنسية يلجأ إليها الأسطول الفرنسي إذا قبل قادته شروط نزع سلاحه، فلا يتكلف اجتياز مضيق جبل طارق ويتعرض للصدام بالأسطول البريطاني. فالمعروف أن أكثر قطع الأسطول الفرنسي موجودة في غرب البحر الأبيض المتوسط

٢ - تهديد حكومة بتان باحتلال الشواطئ الفرنسية للبحر الأبيض في حالة عدم تنفيذ شروط الهدنة فيما يختص بوقف القتال في المستعمرات، فإن هتلر وموسوليني يعرفان جيداً تقاليد الفرنسيين ووطنيتهم وعدم خضوعهم لأعدائهم، فتهديد هذا الجزء بالاحتلال يدفع بالمارشال بتان إلى بذل أقصى ما لديه من جهد لإكراه رجال المستعمرات على تنفيذ شروط الهدنة

٣ - وضع إيطاليا تحت إبهام هتلر بطريقة لا يتيسر لموسوليني التملص منها. فقبل أن تعلن المستعمرات الفرنسية موقفها حيال الهدنة كان من المقطوع به أن تسليمها قليل القيمة، أو ليست له فائدة عسكرية، فمثلاً أعلنت حكومة سوريا ولبنان أنها وقفت القتال، فهذا كلام لا تستطيع ألمانيا أو إيطاليا تنفيذه. فإن القوات الموجودة هناك لم تشترك في القتال لتقفه، فضلاً عن عدم وجود قوات ألمانية أو إيطاليا بالقرب منها لتلاحظ تنفيذ هذه الشروط، فإن الجزء الشرقي للبحر الأبيض المتوسط والأراضي المحيطة بسوريا ولبنان مناطق نفوذ إنجليزية

حالة غامضة

وما يقال عن سوريا ولبنان يقال عن تونس والجزائر وجيبوتي. وما زالت هذه الجزاء الأخيرة صامتة لم تعبر إن موقفها بصورة قاطعة انتظاراً لما تبرزه الظروف. ويختلف

<<  <  ج:
ص:  >  >>