لا أرتاح مثلك؟ ألأني أريد مثلهم نهاية نيرة؟ إن عندي ألف نهاية نيرة! جلسة عند الراقصات الحور في جنة قطوفها دانية بين ذراعي تلك التي. . . هل تعرف يأيها الكلب (تلك التي. . .)؟ أو لست تعرفها. . .؟ تعرفها أو لا تعرفها، فإنني أنا أعرفها، وسيزورني الآن طيفها ومعه قطعة من الجنة، فأحسن استقباله يا صديقي الكلب، ودله عليَّ إذا تاه عني، وهأنذا راقد إلى جانبك. . . أسعدت مساء. . .
. . . قال هذا ونام. . . نام بعد أن غنى لنفسه ما شاء، وما استطاع. . . ومر به الضحاك، فإذا به نائم؛ فبانت عليه إمارات الغيظ وانحنى عليه يسأله:
- أنائم أنت؟. . . فإذا استيقظت في آخر اليوم، فماذا أنت قائل لهم إن سألوك عما رأيت وعما سمعت؟ سنرى. . .
. . . وانصرف الضحاك عنه إلى واحد من أصحابه رآه يثقب سقف الكهف بمثقاب نحته من الحجر. فهم الضحاك بأن يشكو لهذا الصاحب صاحبهما الذي نام، ولكنه آثر أن يستتر خلف منعطف في الكهف، ليرقب هذا الذي يريد أن يخرق الحجر، وليس شيء وراء الحجر إلا الفضاء
وسطع من جوف الحجر بريق، فانبهر الثاقب، وجفل الضحاك. أراد أن يضحك، ولكنه أمسك عن الضحك، وآثر مرة أخرى أن يظل يرقب صاحبه، وهذا البريق الذي لمع من حرف الحجر، وما عساه أن يحدث بينهما. . .
ظل الرجل يثقب ويثقب حتى استخرجها من جوف الحجر حصاة كبيرة شفافة براقة متألقة، استقبلت النور فعكسته أنواراً، فراح يتأملها في إعجاب وفرح، وأخذ ينفخ فيها ويمسها بأنامله وهو يقول:
- أظنهم مهما جدوا فلن يعثر واحد منهم على ما يشبه هذه؟ ولكن ما هذه؟ على أي حال إنه لا يعنيني كثيراً أن أعرف ما هذه، ما دمت بهذه أستطيع أن أمتاز على الناس وأن أخلب أنظارهم؛ فلأخفها ولأكتم أمرها
. . . وبعد أن كان الضحاك الذي كف الآن عن الضحك. . . بعد أن كان يريد أن يشكو صاحبه الذي نام لصاحبه الذي اهتدى إلى قطعة النور المتجمدة، مضي وفي عزمه أن يشكو صاحبه هذا الأخير لأول من يلقاه من أصحابه. . .