أيها الفرنسيون في فرنسا وفيما وراء البحار، أخاطبكم اليوم لأوضح لكم الأسباب التي دعتنا إلى عقد اتفاقيتي الهدنة الأول مع ألمانيا منذ ثلاثة أيام والثانية مع إيطاليا أمس
إن الأمر الذي يجب التنويه به قبل كل شيء هو الوهم الخادع الذي بنت عليه فرنسا وحلفاؤها آمالهم بشأن قواتهم العسكرية الحقيقية وأثر السلاح الاقتصادي وحرية البحار والحصار والموارد التي كانوا يستطيعون الحصول عليها. فاليوم - كما في الأمس - لا تكسب الحرب بواسطة الذهب والمواد الأولية فقط. إن النصر يتوقف على القوات والمعدات وكيفية استخدامهما. وقد دلت الحوادث على أن ألمانيا كانت متفوقة في هذا الميدان في مايو سنة ١٩٤٠ تفوقاً ساحقاً كنا لا نستطيع أن نواجهه عند ما دارت رحى المعركة إلا بعبارات التشجيع والأمل
وقد انتهت معركة الفلندر بتسليم الجيش البلجيكي وسط القتال ومحاصرة الفرق الإنجليزية والفرنسية. وقد قاتلت هذه الفرق الأخيرة قتال الأبطال، وكانت مؤلفة من خيرة قوات جيشنا. وبالرغم من مقدرتها لم نتمكن من إنقاذ جانب من رجالها إلا بالتخلي عن معداتها. ودارت المعركة الثانية على نهري الأين والسوم، وللثبات في هذا الخط قاتلت ٦٠ فرقة فرنسية لا تحميها التحصينات ولا تؤيدها الدبابات - تقريباً ١٥٠ فرقة ألمانية من فرق المشاة و١١ فرقة من الفرق المصفحة. فاخترق العدو خطوطنا في بعضة أيام، وجعل قواتنا أربعة أجزاء واجتاح القسم الأكبر من الأراضي الفرنسية، وكانت ألمانيا في حكم المنتصرة عندما دخلت إيطاليا الحرب، وأقامت ضد فرنسا جبهة جديدة صمد لها جيش الألب. وعندئذ اتخذ نزوح اللاجئين شكلا يفوق ما يتصوره العقل، فقد انضمت عشرة ملايين من الفرنسيين إلى مليون ونصف مليون من البلجيكيين وأخذوا يتدفقون على مؤخرة جبهتنا في أحوال اختل فيها النظام وسادها بؤس لا يوصف
وابتداء من ١٥ يونيه اجتاز العدو نهر اللوار وانتشر في بقية أنحاء فرنسا. فأمام مثل هذه المحنة كان يجب أن تكف مقاومة الجيش، وكان على الحكومة أن تختار بين أحد أمرين: إما البقاء في مكانها أو مغادرة البلاد. فتداولت في الأمر وقررت البقاء في فرنسا للمحافظة على وحدة شعبنا وتمثيله أمام العدو، ذلك لأنها رأت أن وأجبها في مثل هذه الأحوال يقضي بالحصول على هدنة مقبولة باستثارة روح الشرف والعقل لدى العدو. وقد عقدت الهدنة