للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

واللدَد، فنقلتني من أحوال إلى أحوال، وبعثرَتْ ما كنت أحرص عليه من رسائل الأهل والأصدقاء، وعَدَتْ على مكتبتي بالقلب والإعلال، فلم يبق أمل في الوصول إلى نص الخطاب المنشود

ثم أخذت أتحدث في مقالاتي ومؤلفاتي عن أشياء وقعت بيني وبين الدكتور طه حسين، فكان إذا سئل عن بعض تلك الأشياء أجاب بأنها اختراع من نوع (أحمد الله إليك)!!

ومنذ أيام مضيت لمقابلة سعادة الأستاذ الجليل الدكتور السنهوري بك وفي يدي نسخة مهدأة إليه من كتاب (الأسمار والأحاديث) فوجدت الدكتور طه بك هناك، وسألني السنهوري بك عن بعض أغراض الكتاب، فقلت: فيه أقوال فاه بها الدكتور طه ولم ينشرها، فنشرتها بالنيابة عنه على نحو ما كان يصنع أفلاطون مع سقراط!

واللطف الملحوظ في هذه العبارة لم يمنع الدكتور طه من أن يقول: لا بد أن تكون اختراعات من طراز (أحمد الله إليك)

وسألني السنهوري بك عن القصة فأجملتها في كلمات قصار فراراً من الدخول في جدل جديد مع الدكتور طه حسين، فقال وهو يبتسم: يجب أن يكون الخطاب صحيحاً ما دمت تحدثت عنه في البلاغ!

فقلت: وإن وجدت أصل الخطاب؟

فقال الدكتور طه: إن وجدته فسيكون بخطك؟

فقلت: وإن كان بخط (توفيق)؟

فقال: هذا مستحيل!

فقلت: وهل عندك مانع من أي تحمد الله إليَّ؟

فقال: أنا أحمد الله في كل وقت، ولكني لا أذكر أني حمدته إليك!

ثم انصرفت وقد اطمأن مَن حضروا هذا الحوار إلى أني أتزّيد على الناس حين أشاء

أين ذلك الخطاب؟ وأين أنا من سنة ١٩٢٨ وقد شرَّقتُ وغربت، وانتقلت من دار إلى دار، وبعثرت أوراقي مئات المرات؟

أما تسمح المقادير بأن أصل إلى ذلك الخطاب ليعرف الدكتور طه حسين أني لم أتزيد عليه؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>