أحوالاً بأحوال؟ ومن ذا الذي لا يتغير، يا ربة الطف الغضيض؟!
أنا بخير وعافية، وإن صنع الدهر ما صنع، فكيف أنتِ؟ ومتى تعود ليالينا بمطالع الأقمار في باريس؟ ومتى نعود سيرتنا الأولى، سيرة الأطفال الذي يرضَون ويَغضبون في اللحظة الواحد عشر مرات؟
حدثيني منى أردّ إليك أصداع الزهرية ومعها أصداع قلبي، القلب الذي أخذ عنك درس الثقة بالقلوب، فلم يعرف بعدك غير الأسف على حُسن الثقة بالقلوب؟!
كنت نسيت أني أخذت الدرس عن طفلة، وكذلك يندم من يأخذ الدروس عن الأطفال!
ولكن أين خطاب الدكتور طه حسين؟ وأين عبارة (أحمد الله إليك)؟
إن أسفاري في البحث عن هذا الخطاب ستطول، وقد لا أصل إليه أبداً، وما قيمة التعلق بتاريخ قديم تنكَّر له عارفوه؟ وما الفائدة في رَجْع هذا الدكتور إلى حسابٍ تمتْ تصفيته منذ أعوام طوال؟ وهل أقدر على بعث الأموات من الذكريات؟ تلك معجزة صحّت لبعض الأنبياء ولن تعود، فليقل الدكتور طه إني افتريت عليه وليُسرف في اتهامي كيف شاء، فحسبي من الطمأنينة أن أعرف أني كنت من الصادقين
ولكن ما هذه الخريطة؟ ولأي سبب حفظتها في أوراقي؟
هي خريطة لمقبرة بير لاشيز في باريس
فكيف عرفتُ تلك المقبرة وكيف احتفظتُ بالخريطة فنقلتها من باريس إلى مصر الجديدة بلطف ورفق لأرجع إلى درس معالمها حين أريد؟
كنت في درس المسيو (تونلا) أستاذ الأدب الألماني بالسوربون، وكانت دروس هذا الرجل تستهويني كل الاستهواء، فقد كانت تنقلني إلى آفاق من الفكر لا أصل إلى مثلها في صحبة رجل سواه، وفي دروس هذا الرجل عرفت سيدة ألمانية لم تكن مع زوجها على وفاق، وكانت فيما حدثتني من شواعر برلين، وكانت ملامحها وشمائلها تشهد بأنها على صلة وثيقة بشياطين الشعر الجميل. ويظهر أن الزوجية قيدٌ لا يستريح إليه بعض هذا النوع من الجنس اللطيف.
ولم يكن للشاعرة بُدٌّ من رجل تشكو إليه جهالة زوجها الغبيّ البليد، فهدتها الفِراسة إلي أن أذنيّ أصلح الآذان للترحيب باغتياب الأغبياء والبُلَداء، وكذلك أخذتْ تصبّ في أذني