فيه: (أحمد الله إليك)؟
ومن يضمن بقاء تلك العناوين، وخرائطُ البلاد تُغَيَّر من يوم إلى يوم؟ وهل تسمح الدنيا مرة ثانية بأن تأخذ المواعيد في القطارات لعام أو عامين ثم تفي بتلك المواعيد كما كنا نصنع؟
هي دنيا قد تولتْ ... فعلى الدنيا السلامْ
إليّ يا أوراقي، إليّ، فقد بقيت مآرب يعزْ عليَّ أن تضيع
وما هذه الأشياء؟ ما هذه الأشياء؟ وبأي حق حفظتها في أصْوِنة الأوراق؟
هذهِ كسرات من آنية مصدوعة، فما تاريخ تلك الآنية؟
أسندتُ رأسي بيديّ وفكرت عساني أذكر ذلك التاريخ
ثم تذكرت بعد لأي أني كنت ذهبت إلى الهافر لأشهد الاحتفال بعيد (العنصرة) هنالك في سنة ١٩٢٧ ونفدت نقودي فرجعت إلى باريس بدون أن أشتري شيئاً من طرائف ذلك الثغر الجميل
وسألتني ربة البيت الذي كنت أقيم فيه عن رحلتي إلى الهاقر فذكرتُ أني متوجع لأن النقود خانتني فلم أشتر شيئاً من طرائف تلك المدينة، فنظرت إليَّ ابنتها بطرف غضيض وهي تقول: سأعوِّض عليك ما ضاع منك، ثم أتحفتني بزهرية جميلة كانت اشترتها من هناك
وانصدعت الزهرية بعد أحايين فجمعت كِسراتها وضممتها إلى ما أحفظ من رسائل ذلك العهد، فهي اليوم روح من أرواح تلك الذكريات
فما أخبار صاحبة الزهرية؟ وكيف حال طرفها الغضيض؟
أفي الحق أن باريس عانت مخاوف الحرب وإطفاء الأنوار بالليل، ثم انتهتْ بها الخطوب إلى الاشتمال بأثواب الحِدَاد؟
متى نلتقي وفي جيبي كسرات تلك الزهرية التي عاشت بين أوراقي وهي مصونة في مدة زادت على أربعة عشر عاماً؟
متى نلتقي لتحدثني وأحدثها عما صنع الزمان بأحلامها وأحلامي؟ وهل أعرفها حين أراها أو تعرفني حين تراني بلا بشير بالتلاقي؟
عندي صورتها وعندها صورتي، ولكن أين نحن مما كنا عليه سنة ١٩٢٧ وقد تبدلنا