للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

أقوال المرجفين الذين يزعمون أن الدنيا لم يبق فيها مجال لطرب الأفئدة وجُموح القلوب

لا تصدقوا الأستاذ فكري أباظة حين يحدثكم في المذياع عن عجبه من أن تعجز أعوام الحرب عن قتل تغريده (يا ليل يا عين) فهذا الأستاذ نفسه لم ينقطع عن الغناء وإن كان صوته (أرخم) الأصوات!

هذه الحرب التي تعانون بلاءها من قرب أو من بعد هي أيضاً شهوة إنسانية أو حيوانية كسائر الشهوات، والمحرومون من حب الدنيا ومن الهيام بما فيها من نعيم لا يصلحون أبداً للتمرس بالمخاطر في ميادين القتال

يجب أن تبقى حواسكم كلها سليمة، حتى حاسة الذوق وحاسة الجمال، لأن هذه الحواس هي (الجوارح) التي تصولون بها في ميدان الوجود. وهل يصلُح إنسان للتفكير في المنافع القومية حين يُشَل تفكيره في المنافع الذاتية؟

الجنديّ لا يصلح أبداً للاستماتة في الدفاع عن الوطن إلا إذا كانت له فيه مآرب وأهواء، أما الجندي الفارغ الرأس والقلب من المطالب الذاتية فهو أداةٌ عاطلة لا نفع فيها ولا غناء

زادكم الأول هو مطامعكم، وزادكم الثاني هو مطامعكم، وزادكم الثالث هو مطامعكم، وأزوادكم الأصلية والفرعية هي مطامعكم، فلا تعيشوا في دنياكم بلا أطماع لئلا تنعدم قدرتكم على الجهاد

لا تصدِّقوا الذين ينهونكم عن الابتسام للدنيا والوجود

لا تصدَّقوا من يزعمون أن مَرَح النفوس في أيام الحرب من نُذَر الفناء

الدنيا لكم ولسائر المزوّدين بالحيوية والأريحية والجذل والابتهاج

فما سكوتُ الشعراء وما سكوتُ المغنّين عن التغريد فوق أفنان الجَمال؟ وما الموجب للدعوة الأثيمة التي تريد أن تحوّل دنيانا إلى ملاطم ومتاحات؟

عزائمكم وأرواحكم وقلوبكم هي الذخائر الباقية، وهي أسلحتُكم في مقارعة الخطوب، فلا تُضعفوها باستماع الأراجيف، ولا توهنوها بالخضوع لخداع الأباطيل

ودَّ أعداؤكم لو تنقلبون إلى أشباح بلا عواطف ولا أحاسيس

فاحذروا الفتنة، فتنة الدعوة إلى تسريح الأماني والآمال

واعلموا أن الرجل الحق هو الذي يعيش في كل وقت بعواطف الأقطاب من الأحياء.

<<  <  ج:
ص:  >  >>